بعد أكثر من خمسة عقود من النزاع حول الصحراء، أصبح خيار الاستفتاء، الذي سبق أن ورد في قرارات الأمم المتحدة، غير واقعي في ظل الموقف الثابت للمغرب ورفضه القاطع لأي مقترحات تمس بسيادته على الأقاليم الجنوبية.
وتواصل المملكة ترسيخ موقفها الدبلوماسي من خلال مقترح الحكم الذاتي تحت سيادتها، وهو الحل الذي يحظى بدعم متزايد من قوى دولية وازنة، على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة “أوروبا بريس” في 16 مارس، فإن خيار الاستفتاء لم يعد عمليا، بسبب غياب توافق حول هوية المشاركين، خاصة مع التغيرات الديمغرافية التي شهدتها المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن تواجد أعداد كبيرة من الصحراويين في مخيمات تندوف بالجزائر يجعل تحديد قاعدة الناخبين أمرًا معقدا، ما أفرغ الطرح من أي جدوى قانونية أو سياسية.
ويؤكد المغرب أن الحكم الذاتي هو الحل “الوحيد الواقعي والنهائي”، وفق ما شدد عليه الملك محمد السادس في عدة خطب، مؤكدًا أنه يجسد أقصى ما يمكن للمملكة تقديمه في إطار التسوية السياسية للنزاع.
ويحظى هذا الطرح بدعم متزايد، حيث تعتبره كل من الولايات المتحدة وفرنسا “الأساس الأكثر جدية ومصداقية” لحل النزاع، وهو موقف يلقى تأييدًا متزايدًا داخل الأمم المتحدة وخارجها.
وشكل الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، في دجنبر 2020، نقطة تحول رئيسية، إذ عزز موقف الرباط دوليًا وأسهم في دينامية دبلوماسية جديدة.
وترافق هذا الاعتراف مع قرار عدة دول فتح قنصليات في العيون والداخلة، ما اعتُبر دعمًا مباشرًا للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.
وفي تحول لافت، أعلن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في رسالة إلى الملك محمد السادس عام 2022، دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي، واصفًا إياه بأنه “القاعدة الأكثر جدية وواقعية” لحل النزاع.
وساهم هذا الموقف في إعادة ترتيب العلاقات بين الرباط ومدريد بعد سنوات من التوتر، خاصة مع التحولات في السياسة الخارجية الإسبانية تجاه الملف.
ويرفض المغرب أي حلول تتعارض مع وحدته الترابية، مؤكدًا أن محاولات الدفع نحو خيارات مثل الاستفتاء أو الانفصال لم تعد قائمة على أي أساس سياسي أو قانوني.
وفي المقابل، تعاني جبهة البوليساريو من عزلة متزايدة، حيث لم تتمكن من حشد دعم دولي لمطالبها، خاصة بعد توالي المواقف الدولية الداعمة لخيار الحكم الذاتي.
ويواصل المغرب تثبيت موقفه عبر تعزيز حضوره الدبلوماسي إقليميًا ودوليًا، مدعومًا بتأييد متنامٍ من دول عدة، بعضها افتتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، في خطوة تعكس تحولًا واضحًا في التعاطي الدولي مع القضية، باتجاه الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء.