لطالما شكل دعم المغرب للقضية الفلسطينية والقدس الشريف محورًا ثابتًا في سياسته الخارجية، وهو التزام يتجسد عبر مواقف دبلوماسية واضحة ومبادرات ميدانية ملموسة.
وخلال أشغال المجلس التنفيذي الـ62 لمنظمة المدن العربية، الذي انعقد بمدينة طنجة، برز هذا الاهتمام من خلال تأكيد المسؤولين العرب والفلسطينيين على الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة في الدفاع عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين، تحت قيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس.
وفي دلالة رمزية تعكس مكانة المغرب لدى الفلسطينيين، اختار محافظ القدس، عدنان غيث، المملكة كأول بلد يزوره بعد رفع الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه السلطات الإسرائيلية.
ومن طنجة، عبّر غيث عن امتنانه لهذا الدعم، قائلًا: “جئنا من القدس إلى المملكة المغربية ونتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى المملكة، ملكًا وحكومة وشعبًا، على دعمهم المتواصل لقضية القدس والمقدسيين.”
ولا يقتصر الالتزام المغربي على البعد الدبلوماسي، بل يمتد إلى مشاريع تنموية تعزز صمود المقدسيين، عبر وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذية للجنة القدس.
وخلال الاجتماع، استعرض محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير الوكالة، حصيلة المبادرات المنجزة، مشيرًا إلى أن المغرب موّل خلال العام الماضي 55 مشروعًا بقيمة تجاوزت 4.2 مليون دولار، شملت قطاعات الصحة، التعليم، الثقافة، الرياضة، والتنمية البشرية.
ودعا الشرقاوي المدن العربية إلى “تخصيص مساهمات مالية لدعم المشاريع الاجتماعية في القدس”، مشددًا على أن المملكة “أقامت نموذجًا في الدعم يقوم على الحكامة وحسن التدبير، وحقق نتائج ملموسة”.
غير أنه حذّر في المقابل من “الواقع الصعب” الذي تعيشه القدس، في ظل تزايد حاجيات سكانها، خاصة مع تداعيات الأزمات الاقتصادية المتوالية.
مكانة القدس في وجدان المغاربة عكستها أيضًا إقامة معرض وكالة بيت مال القدس الشريف على هامش الاجتماع، وهو ما اعتبره والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، دليلًا على الاهتمام المتواصل للمملكة بهذه القضية، مؤكدًا أن دعم القدس يظل “في صلب انشغالات المغاربة، وفي مقدمتهم الملك محمد السادس.”
وفي ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، يؤكد الأمين العام لمنظمة المدن العربية، عبد الرحمن هشام العصفور، أن المنظمة “لن تدخر جهدًا في دعم المدن المتضررة”، مشيرًا إلى أن التحديات المتزايدة تفرض تعزيز التعاون العربي المشترك.
وفي هذا السياق، يبرز المغرب كفاعل رئيسي في دعم القدس، ليس فقط عبر المواقف السياسية، بل من خلال مشاريع تنموية مستدامة، تعكس رؤية تقوم على التضامن الفعلي بدل الاكتفاء بالمساعدات الظرفية. وهي مقاربة جعلت من المملكة شريكًا موثوقًا للفلسطينيين، في وقت تتعاظم فيه التحديات أمام المدينة المقدسة وسكانها.