يراهن حزب الأصالة والمعاصرة على تحقيق سابقة سياسية من خلال ترشيح فاطمة الزهراء المنصوري لرئاسة الحكومة المقبلة، وهو طرح يكتسب بعدا خاصا في سياق اليوم العالمي للمرأة، حيث يتجدد النقاش حول موقع النساء في هندسة السلطة التنفيذية ومدى قدرة الفاعلين الحزبيين على الدفع بمرشحات نحو مواقع القيادة العليا.
ففي ظل التحولات التي يعرفها المغرب على مستوى تعزيز المشاركة النسائية في المؤسسات المنتخبة، يبرز هذا الطموح كتحد سياسي يعكس رغبة الحزب في ترسيخ حضوره ضمن الخارطة الحزبية الوطنية، مستفيدًا من دينامية إعادة ترتيب موازين القوى داخل الأغلبية الحكومية.
وراكمت فاطمة الزهراء المنصوري، التي تعد من الأسماء البارزة داخل الأصالة والمعاصرة، تجربة في التدبير المؤسساتي من خلال ترؤسها لمجلس جماعة مراكش لفترتين، إضافة إلى توليها وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في الحكومة الحالية.
كما أن حضورها داخل الأجهزة الحزبية، الذي توج بتوليها مسؤولية المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، منحها مكانة جعلتها إحدى الشخصيات النسائية القليلات اللائي تموقعن في مفاصل القرار الحزبي والحكومي.
غير أن مسألة ترؤسها للجهاز التنفيذي تظل رهينة باعتبارات متعددة، تتعلق أساسا بالنتائج الانتخابية والتوازنات التي ستفرزها المشاورات السياسية بعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، فضلًا عن معايير اختيار رئيس الحكومة التي يحددها الدستور، حيث يعود التعيين إلى الملك وفق أحكام الفصل 47.
ولقد قطعت التجربة المغربية في مجال تمكين النساء داخل المؤسسات التنفيذية أشواطا مهمة، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى منح النساء موقع رئاسة الحكومة، بالنظر إلى أن هذا المنصب يخضع لحسابات تتجاوز مجرد تصدر الانتخابات، بل تشمل كذلك طبيعة التحالفات ومدى قابلية الفرقاء السياسيين للتوافق حول قيادة نسائية للحكومة.
فرغم أن الأحزاب المغربية لا تتوقف عن رفع شعارات المناصفة والمساواة، إلا أن القرارات الحاسمة داخلها لا تزال بيد نخب ذكورية في الغالب، وهو ما يجعل هذا الطرح، رغم وجاهته، غير محسوم على المستوى الواقعي.
كما أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يسعى إلى تعزيز موقعه داخل الأغلبية المقبلة، يواجه منافسة شرسة من التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة الحالية، إضافة إلى حزب الاستقلال الذي يراهن على تقوية حضوره الانتخابي.
كما أن أحزابًا أخرى مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد تلعب دورًا في إعادة تشكيل موازين القوى، ما يجعل مسألة اختيار رئيس الحكومة المقبل مفتوحة على احتمالات متعددة.
وفي حال تمكن الأصالة والمعاصرة من تصدر الانتخابات، فإن تحديد هوية رئيس الحكومة سيظل رهينًا بالمشاورات التي ستُجرى بين مختلف الأطراف، والتي قد تفرز توافقات تتجاوز الأسماء المقترحة من داخل الحزب نفسه.
ويعكس رهان الحزب على المنصوري رغبة في تقديم نموذج جديد للقيادة التنفيذية، مستفيدًا من التحولات التي يشهدها المغرب على مستوى التمكين السياسي للنساء، غير أن هذا المسار يصطدم بمعطيات الواقع الحزبي والمؤسساتي، حيث لا تزال مراكز القرار داخل الأغلبية الحاكمة محكومة بتوازنات تجعل إمكانية تولي امرأة لهذا المنصب مرهونة بمعادلات أكثر تعقيدًا من مجرد تحقيق نتيجة انتخابية متقدمة.