أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب موجة من الجدل بعد تأكيده مجدداً على مقترحه بشأن “شراء غزة” ونقل سكانها، وهو الطرح الذي لقي دعماً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنه قوبل بتنديد عربي ودولي، وصفه المستشار الألماني أولاف شولتس بـ”الفضيحة”.
خلال حديثه للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء توجهه لحضور مباراة “السوبر بول”، شدد ترامب على ضرورة استحواذ الولايات المتحدة على قطاع غزة بعد رحيل الفلسطينيين عنه، مؤكداً أن دولاً عربية قد توافق على استقبالهم إذا توفرت لهم خيارات أخرى.
وأضاف: “نحن ملتزمون بامتلاك غزة، والتأكد من أن حماس لن تعود إليها. المكان دُمر بالكامل وسنقوم بهدم المتبقي”.
وأشار الرئيس السابق إلى أن الفلسطينيين لن يرغبوا في العودة إلى غزة إذا حصلوا على بدائل، لافتاً إلى أنه بدأ يفقد صبره حيال الوضع بعد رؤيته لحالة ثلاثة رهائن أطلقتهم حماس مؤخراً، وقال: “بدا الأمر وكأنهم ناجون من الهولوكوست”.
في المقابل، أشاد نتنياهو بالمقترح، معتبراً أنه يمثل “مقاربة جديدة تماماً وأفضل بكثير لإسرائيل”. وأضاف خلال اجتماع حكومته أن ترامب “عازم على تنفيذ خطته، والتي تفتح أمام إسرائيل الكثير من الاحتمالات”.
لكن في الجهة المقابلة، وصف المستشار الألماني أولاف شولتس المقترح بأنه “فضيحة”، مؤكداً خلال مناظرة تلفزيونية أن “إعادة توطين السكان قسرياً أمر غير مقبول ويخالف القانون الدولي”.
كما اعتبر أن وصف غزة بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”، وهو المصطلح الذي استخدمه ترامب، “فظيع” في ظل حجم الدمار الكبير الذي تعيشه المنطقة.
على الصعيد العربي، نددت رابطة العالم الإسلامي في بيان رسمي بـ”التصريحات العبثية” التي أطلقها ترامب ونتنياهو، معتبرة أنها “تمثل استهتاراً بالقوانين الدولية وتعدياً على حقوق الشعب الفلسطيني”.
كما أكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان صدر مؤخراً موقفها الراسخ بدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، مطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بها.
وفي تركيا، شدد الرئيس رجب طيب أردوغان على أنه “لا أحد يستطيع إخراج الفلسطينيين من وطنهم”، مضيفاً أن غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية “ملك للفلسطينيين منذ آلاف السنين”.
من جهتها، ردت حركة حماس على تصريحات ترامب ونتنياهو عبر القيادي خليل الحية، الذي صرح من طهران قائلاً: “مشاريع الغرب إلى زوال، وسنسقطها كما أسقطنا غيرها من المشاريع”. وأكد أن الفلسطينيين “لن ينسوا من يقف إلى جانبهم”.
يأتي هذا الجدل وسط تعثر المفاوضات بين إسرائيل وحماس بشأن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، حيث لم تحقق الوساطات القطرية تقدماً يذكر.
في الوقت نفسه، انسحبت القوات الإسرائيلية من محور نتساريم في غزة بموجب الاتفاق، فيما سُمح بحركة المركبات بين شمال القطاع وجنوبه تحت إشراف فرق أمنية أمريكية ومصرية.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية، يبقى مستقبل مقترح ترامب غير واضح، وسط تزايد الانتقادات من مختلف الأطراف الدولية والعربية، مما قد يعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي من جديد.