منحت دول الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024 إصدار أكثر من 188 ألف تصريح إقامة أولى لفائدة مواطنين مغاربة، ما جعل المغرب في المرتبة الثالثة على صعيد الجنسيات الأجنبية الأكثر حصولا على هذه التصاريح، بعد أوكرانيا والهند.
ووفق بيانات حديثة نشرها مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، فقد بلغ العدد الإجمالي لتصاريح الإقامة الأولى التي منحتها دول الاتحاد لمواطني دول من خارج التكتل نحو 3.5 ملايين تصريح خلال 2024، أي بزيادة طفيفة مقارنة بالسنة السابقة، مما يعكس تواصل تدفق الطلبات القانونية على الإقامة داخل الفضاء الأوروبي، خاصة في ظل الأزمات الجيوسياسية وتحديات الهجرة النظامية.
وحلت أوكرانيا في المرتبة الأولى بعدد بلغ 295 ألف و 600 تصريح إقامة أولى، مدفوعة إلى حد كبير بالحرب مع روسيا وعمليات النزوح المتواصلة، تلتها الهند بـ 192 ألف و400 تصريح، ثم المغرب في المرتبة الثالثة بـ 188 ألف و 400 تصريح، أي ما يعادل 5.4 في المئة من مجموع التصاريح الممنوحة لكافة الجنسيات غير الأوروبية.
لكن اللافت في معطيات 2024 هو حجم التركيز الجغرافي في وجهة التصاريح الممنوحة للمغاربة. فقد منحت إسبانيا وحدها ما نسبته 49.3 في المئة من هذه التصاريح، أي حوالي 93 ألف تصريح، ما يجعلها الوجهة الأولى بفارق كبير عن باقي دول الاتحاد.
ويعود هذا التمركز إلى عوامل متعددة، من بينها القرب الجغرافي للمغرب من إسبانيا، والتاريخ الطويل للهجرة المغربية نحو الجارة الإيبيرية، إضافة إلى الروابط العائلية والاقتصادية التي استمرت عبر العقود.
وما يزال عدد كبير من المغاربة يستفيد من آلية لم الشمل العائلي كمدخل أساسي للإقامة القانونية، إذ تشير الأرقام إلى أن 46.6 في المئة من التصاريح الأولى الممنوحة للمغاربة في الاتحاد الأوروبي خلال 2024 تعود لأسباب عائلية، فيما تتوزع النسب المتبقية على دوافع العمل والدراسة والحماية الإنسانية بدرجات أقل.
وتكشف الإحصاءات الصادرة عن Eurostat أن المغرب حافظ على موقعه ضمن الثلاثي الأول على سلم تصاريح الإقامة الأوروبية للعام الثاني على التوالي، مع تسجيل زيادة سنوية بنسبة 4.2 في المئة في عدد التصاريح الممنوحة للمغاربة مقارنة بسنة 2023، ما يعكس تواصل وتيرة الهجرة النظامية واستمرار جاذبية أوروبا، رغم تشديد بعض دولها لشروط منح الإقامة.
ولم يكشف التقرير بالتفصيل عن ترتيب باقي الدول المستقبلة للمغاربة، لكنه يشير ضمنيا إلى استمرار ثقل فرنسا كوجهة تاريخية ثانية، إضافة إلى بلجيكا وهولندا وإيطاليا، وهي بلدان تحتضن جاليات مغربية قديمة نسبيا، ولها آليات إدارية خاصة باستقبال طلبات لم الشمل أو تسوية الوضعية.
ويشكل هذا الارتفاع في عدد التصاريح مؤشرا على أهمية الجالية المغربية داخل أوروبا، حيث تؤدي هذه الإقامات القانونية إلى تسهيلات في الاندماج والعمل والتعليم والخدمات الاجتماعية، كما تلعب دورا مهما في استقرار العائلات وتدفقات التحويلات المالية نحو المغرب.
كما أن هذه المعطيات تُستخدم على مستوى الدول الأوروبية في تقييم سياسات الهجرة والتكامل الاجتماعي، وتحديد أولويات الإصلاح في قوانين الإقامة، وهو ما يجعل المغرب حاضرا بشكل دائم في الحسابات الديموغرافية والاقتصادية لعدد من العواصم الأوروبية، لا سيما مدريد وباريس وبروكسيل.