بقلم شيماء المناعي – كاتبة تونسية
عادت الاشتباكات المُسلحة مجددا إلى العاصمة الليبية طرابلس، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعتين مسلحتين ليل الجمعة – السبت، وسمع دوي إطلاق نار وانفجارات في أحياء عدة في طرابلس بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية ووسائل إعلام محلية، وأظهرت صور نشرها الإعلام المحلي مدنيين في حال من الهلع وسط إطلاق نار في منطقة مزدحمة من العاصمة.
هذه الاشتباكات عرفت إدانة كبيرة من عديد الليبيين، وهو ما ذهب إليه أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، إذ أدان حمزة الاشتباكات المسلحة الكثيفة بين المليشيات المدعومة من قوة دعم الاستقرار بإمرة «اغنيوة الككلي»، وأخرى تتبع كتيبة النواصي، الخاضعة لإمرة مصطفى قدور، في جزيرة سوق الثلاثاء بالعاصمة الليبية طرابلس.
وقال حمزة، عبر حسابه على موقع التواصل لاجتماعي “فيسبوك”:” إلى متى يستمر العبث والاستهتار بأرواح الأبرياء والمدنيين وترويعهم في كل توتر ونزاع مسلح يحدث”.
يأتي هذا في ظل أزمة سياسية خانقة تعيشها البلاد نتيجة أسباب عدة، منها فشل حكومة الوحدة إجراء انتخابات رئاسية أواخر العام الماضي، وتمسك رئيسها عبد الحميد الدبيبة، بمنصبه ورفضه التنحي لسلطة منتخبة من قبل البرلمان بحجة إنهاء المراحل الإنتقالية والتمهيد لانتخابات جديدة.
تعتبر عديد التقارير أن الدبيبة كان أحد أهم الشخصيات التي تسببت بفشل العملية السياسية، بسبب ما اعتبر فساد حكومته التي انتهت صلاحيتها، والتي تم انتخابها في جنيف في شهر مارس الماضي، وفشلها في أداء المهام الموكلة إليها، ومنع السرقات والفساد، والتزام الحياد، ورفضها حل الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي وضمها إلى المؤسسة العسكرية وتوحيدها.
فالحكومة لم تسعى لضبط المجموعات المسلحة ولجمها لكبح جماحها، لأن الدبيبة رأى بأن دعمها ماليًا وعسكريًا هو الخيار الأمثل، بالرغم من جميع التحذيرات الأممية والمحلية من خطورة هذه الميليشيات وقدرتها على إعاقة أي عملية إنتخابية.
اتخذ الدبيبة خيار الدعم بدل الضرب بيد من حديد، كما أنه دخل في صراع مع البرلمان بسبب هذه الميليشيات، حيث حاول مرارًا تمرير مسودة الميزانية العامة المتضمنة بنودًا ونفقات بالملايين لميليشيات مسلحة متهمة بجرائم عديدة ومسؤولة عن تقويض الأمن في الغرب الليبي، وإلى الآن مازال يصرف مرتبات هذه المجموعات المسلحة من أموال الليبيين.
وغير ذلك رأى الدبيبة بأنه من الأفضل تجاهل المطالب البرلمانية، ومطالب المجلس الرئاسي بتعيين وزير دفاع للبلاد، وسعى أيضًا إلى استفزاز الجيش الوطني الليبي وقيادته من خلال عدة تصريحات غير مسؤولة، وهاهي الآن حال طرابلس، اشتباكات تدور بين الحينة والأخرى، تقوض أمن واستقرار المواطنين، وتثير تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في ظل هذه الفوضى المسلحة.