في خطوة مفاجئة تعكس تصاعد التوترات داخل جهاز الأمن في الجزائر، أُقيل الجنرال-ماجور مهينا دجبّار، الذي كان يشغل منصب مدير عام التوثيق والأمن الخارجي. ويُعتبر دجبّار أحد الوجوه التاريخية للدوائر الأمنية في البلاد، حيث تم استبداله بالجنرال رشدي فتي موساوي، الذي يظل اسمه طيّ الكتمان لكن يرتبط بقضايا تكتنفها الشبهات.
هذه التغييرات لا تمثل مجرد تبديل للأدوار، بل تعكس موجة جديدة من التنظيف داخل نظام يتعرض لضغوط مستمرة. يبدو أن قائد الأركان سعيد شنقريحة، الذي يواجه تحديات عميقة في المحافظة على هيمنته، يواصل استراتيجياته القائمة على التغيير السريع في أركان السلطة.
مسيرة مهينا دجبّار: من القوة إلى الإقصاء
تعود مسيرة دجبّار إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، حيث نشأ كأحد أبرز الضباط في جهاز الأمن. عُرف بلعبه دورًا محوريًا خلال السنوات العشر السوداء، حيث تفشى العنف والتعذيب والإعدامات خارج نطاق القانون. وقد عرف دجبّار التهميش والنفي في مرحلة سابقة، حيث عانى من أزمات داخلية جعلته يتحول من رمز للسلطة إلى ضحية للنظام.
مع عودته إلى المشهد تحت قيادة شنقريحة، استعاد دجبّار جزءًا من نفوذه، لكن دوامة الإقصاء أعادته مرة أخرى إلى الظل. هذا التبديل المتكرر يُظهر حالة من عدم الاستقرار التي تعاني منها النخب الأمنية في الجزائر.
رشدي فتي موساوي: الظل الموالي
يبدو أن تعيين موساوي يأتي في إطار استراتيجية جديدة، إذ يتمتع بسمعة كونه رجل ثقة لشخصيات السلطة العسكرية. وعلى الرغم من أنه قد لا يكون معروفًا للجمهور العام، إلا أنه معروف جيدًا في الدوائر الداخلية بموالاته للسلطة القائمة. من خلال تجربته، يُتوقع أن يستمر النظام في استخدام أساليب القمع والتحكم، بما في ذلك المراقبة الجماعية وكبح الأصوات المعارضة.
شنقريحة: خيوط السلطة تتعقد
تتزايد التحديات أمام شنقريحة، الذي يبدو أنه يكافح للحفاظ على سلطته مع تقدم العمر. تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، تتأرجح شرعيته، في ظل استمرار الاحتجاجات الصامتة. يتمسك شنقريحة بنظام قديم محاط بانتقادات وشكوك، مما يثير تساؤلات حول قدرة النظام على الصمود أمام الضغوط المتزايدة.
واقع الجزائر تحت قبضة الأمن
رغم تغييرات الوجوه، يبقى الوضع الأمني في الجزائر متسمًا بالركود. الانتقالات في القيادة لا تبشر بتحولات إيجابية، إذ تُظهر عزم النظام على الاستمرار في أساليب التحكم والقمع. لا تزال آفاق الديمقراطية مفتوحة على مصراعيها، لكن التحديات تزداد تعقيدًا في ظل سياقات داخلية وخارجية متوترة.