في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت وزارة الثقافة الجزائرية حظر جميع المهرجانات المقررة هذا الصيف في جميع أنحاء البلاد، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس عبد المجيد تبون ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 7 شتنبر 2024. جاء هذا القرار تحت ذريعة التضامن مع غزة، ولكن الحقيقة تكمن في خوف النظام من احتجاجات شعبية تندد بترشح تبون لفترة رئاسية ثانية.
يقول مثل شعبي: “البلدان لها جيوش، أما في الجزائر فالجيش له بلد”. هذا المثل لم يكن أكثر صدقًا مما هو عليه الآن في “الجزائر الجديدة” تحت سيطرة جماعات توفيق وشنقريحة ورئيسهم المرشح عبد المجيد تبون. أمرت هذه القوات الجزائريين بالبقاء في منازلهم هذا الصيف، ويفضل إغلاق النوافذ.
قرار حظر المهرجانات
في 12 يوليوز، أعلن وزير الثقافة الجزائري عن حظر جميع المهرجانات الفنية الكبرى المقررة لهذا الصيف. وجاء في البيان الرسمي للوزارة أن هذا القرار اتخذ بناءً على “الموقف الريادي والثابت للجزائر في دعم القضية الفلسطينية… وفي إطار جهود الدولة الجزائرية، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم”.
إلى جانب حظر المهرجانات، شملت هذه القرارات جميع الأنشطة الثقافية والفكرية في الجزائر، بهدف “تكييفها” مع موقف التضامن مع القضية الفلسطينية. يبدو أن كلما قُمعت حرية التعبير في الجزائر، زاد تمسك النظام بادعاء دعمه لفلسطين.
قلق النظام من الاحتجاجات
الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي خرجت في فبراير 2019 لرفض الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا تزال حاضرة في الأذهان. ورغم توقف حراك 2021 بعد رد النظام العنيف، لا يزال النظام الجزائري يشعر بالقلق من احتمالية اندلاع احتجاجات جديدة.
يعيد الجنرالات الذين أساءوا وأدموا الجزائر خلال “العشرية السوداء” السيطرة على البلاد بعد فترة من تهميشهم بين 2015 و2020، وهي الفترة التي شهدت اندلاع الحراك الشعبي. وبالتالي، يتذكر النظام جيدًا أن الحراك اندلع بسبب محاولة بوتفليقة الحصول على ولاية خامسة رغم مرضه الشديد وفقدانه القدرة على الحكم. واليوم، يظهر تبون، الذي سيبلغ 79 عامًا في نوفمبر المقبل، علامات مشابهة لحالة بوتفليقة، مع مشاكل صحية وكذب مبالغ فيه، مما يجعله مثيرًا للسخرية عالميًا.
اختبارات شعبية فاشلة
قبل 48 ساعة من إعلان حظر المهرجانات، حاول النظام جس نبض الشارع من خلال زيارة تبون لتيزي وزو، حيث قوبل بتجاهل كامل من السكان المحليين. كان تبون يأمل في استقبال شعبي يمكنه من إعلان ترشحه من تيزي وزو، لكنه اضطر للإعلان عن ترشحه من القصر الرئاسي في المرادية بعد تجاهله في تيزي وزو.
تخوف من مقاطعة الانتخابات
إلى جانب هذا التجاهل، يواجه النظام احتمال مقاطعة واسعة للانتخابات المقبلة. بعد إعلان ترشحه، واجه تبون ضربة أخرى بانسحاب لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، من السباق الرئاسي وإعلان حزبها دعوته لمقاطعة الانتخابات.
وفي محاولة لكبح الاحتجاجات، أقر النظام في مايو الماضي قانونًا جزائيًا جديدًا يقيد الحريات بشكل كبير، ويعاقب بشدة على توزيع أو بيع أو عرض مواد دعائية تهدف إلى “الإضرار بالمصلحة الوطنية”.
النظام في مأزق
ورغم أن النظام الجزائري قد نجح في تحويل البلاد إلى “سجن كبير”، إلا أنه لا يزال غير مطمئن. تدل الإجراءات القمعية المتزايدة على أن النظام يكافح من أجل البقاء… ضد الشعب.