مرة أخرى، يبعث النظام الجزائري، بعقد كراهيته للمغرب، على ظهر بعثة رياضية كان يفترض أن تكون سفيرة للروح التنافسية لا حاملة لرسائل التوتر المزمن، في سلوك يعيد خلط السياسة بالرياضة تحت غطاء هزيل من الإنكار.
ففي الوقت الذي تستعد فيه المملكة المغربية لاحتضان نهائيات كأس أمم إفريقيا للسيدات، اختار الاتحاد الجزائري أن يسلك طريقا ملتويا إلى الدار البيضاء، حرفيا ورمزيا، حين استأجر طائرة من شركة إسبانية لنقل بعثة المنتخب من مطار هواري بومدين دون إعلان أو تنسيق علني، وكأن المرور إلى المغرب يندرج في خانة العمليات السرية لا المشاركات الرياضية الرسمية.
وما كاد الوفد يحطّ بمطار محمد الخامس حتى بدأت تظهر المؤشرات على أن المهمة لا تتعلق فقط بكرة القدم، بل أيضا بمحاولة جديدة لتقليص حضور المغرب، ولو رمزيا.
فقد عمد الاتحاد الجزائري إلى حذف اسم البلد المستضيف من الشعار الرسمي للبطولة، متجاهلا عبارة “MOROCCO 2025″ كما لو أنها طيف محايد، أو خطأ مطبعي يمكن تصحيحه بـ”فوتوشوب وطني”.
وتغيب المنتخب الجزائري عن الأنشطة الرسمية المصاحبة للبطولة، مثل جلسة الكشف عن المجسم الجديد للكأس وجلسة التصوير الجماعية، في انسحاب وصفه مراقبون بالمتعمد، واعتبروه امتدادا لسياسة “الاختباء التكتيكي” عن كل ما يحمل هوية مغربية، حتى وإن تعلق الأمر ببطولة تنظمها جهة قارية معترف بها.
المفارقة أن هذا السلوك ليس جديدا، بل يشكل جزءا من سلسلة مواقف طغى عليها منطق الإنكار، من أبرزها تعامل الإعلام الرسمي الجزائري مع إنجاز المغرب التاريخي في مونديال قطر 2022، حيث فضّل التحدث عن سقوط “المنتخبات الأوروبية الكبرى” دون أي إشارة إلى المنتخب المغربي، وكأن تلك المنتخبات كانت تسير في غابة موحشة فسقطت وحدها في حفرة عميقة، من تلقاء نفسها، دون أن يعرقلها أسد واحد.
وفيما حافظت السلطات المغربية على صمت دبلوماسي واستقبلت الوفد الجزائري بسلاسة إدارية معتادة، يرى متابعون أن التمادي في تحميل الرياضة أعباء الصراعات السياسية قد يتحول إلى عبء أخلاقي على الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف”، الذي يجد نفسه مرة أخرى أمام اختبار جدية شعاره القاضي بفصل السياسة عن التنافس الرياضي.
وبينما تبقى حظوظ المنتخب الجزائري النسوي مفتوحة على أرضية الملعب، تبقى صورته خارج الميدان محاطة بعلامات استفهام، نتيجة ممارسات يبدو أنها جاءت بأكثر مما تحتمله أحذية اللاعبات، بعدما حُمّلن دون استشارة بوزن ثقيل من الأحقاد القديمة.