لطالما كانت الجزائر إيالة عثمانية خلال القرون الماضية، وتاريخها يشهد على تحولات كثيرة بين الهيمنة الخارجية والاحتلال. واليوم، يبدو أن البلاد تعود مرة أخرى إلى النفوذ التركي، ولكن عبر “الاستعمار الناعم” المتمثل في العلاقات الاقتصادية والتجارية.
منتدى الأعمال الجزائري-التركي
أُقيم، مساء الاثنين، “منتدى الأعمال الجزائري/التركي” بمشاركة 300 متعامل اقتصادي من الجزائر وأكثر من 200 رجل أعمال ورؤساء مؤسسات اقتصادية من تركيا. وناقش المنتدى فرص الاستثمار والتعاون وإطلاق المشاريع المشتركة بين البلدين.
تصريحات كمال مولى
أثار رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، كمال مولى، الجدل بتصريحاته خلال المنتدى. حيث ذكر بفخر أن 1300 شركة تركية تنفذ استثمارات في الجزائر، واصفًا الوجود الاقتصادي التركي بـ”الجيد”، معبّرًا عن آماله في توسيع مجالات التعاون بين البلدين في المستقبل.
رؤية نقدية
إحصاء مئات الشركات الأجنبية التي تدخل السوق المحلي والابتهاج بهذا الأمر يثير تساؤلات حول السيادة الاقتصادية. إن التعبير عن الفرحة بوجود هذا العدد الكبير من الشركات الأجنبية قد يراه البعض تنازلاً عن الاستقلالية الاقتصادية، وهو ما يعكسه تعليق مولى الذي اعتبره البعض غير مدرك للتحديات الحقيقية التي تواجه الاقتصاد الجزائري.
التحديات الاقتصادية
أشار مولى أيضًا إلى أن الجزائر أجرت العديد من الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال، لكنه تجاهل حقيقة أن العديد من الشركات قد غادرت البلاد بسبب تحديات في بيئة الأعمال. الجزائر تواجه مشكلات كبيرة، من بينها نقص المياه والمستلزمات الأساسية، وعدم السيطرة على اقتصادها، ما يجعل الاستثمارات الأجنبية تبدو وكأنها حل مؤقت وليس استراتيجية مستدامة.
في بلد يعاني من مشكلات هيكلية واقتصادية كبيرة، يتطلب الأمر تفكيرًا أعمق في كيفية تحقيق التنمية المستدامة والاعتماد على الذات. قد تكون الاستثمارات الأجنبية جزءًا من الحل، لكنها ليست الحل الوحيد، ولا ينبغي أن تكون على حساب السيادة الاقتصادية. بدلاً من أن تصبح الجزائر “قوة ضاربة” في مجال الإنفاق العسكري، يجب أن تركز على بناء اقتصاد قوي ومستدام يمكنه تلبية احتياجات شعبها وتحقيق تطلعاته.