مع استمرار توسع العلامات التجارية الكبرى في الأحياء الشعبية المغربية، تواجه تجارة القرب التقليدية في المملكة تحديات غير مسبوقة تهدد استمراريتها.
وتعتمد هذه العلامات التجارية الكبرى على نماذج تجزئة منخفضة التكلفة، مما يسمح لها بتقديم مجموعة متنوعة من السلع بأسعار مغرية وتنافسية، ما يجعلها خيارًا مفضلًا بالنسبة للمستهلكين الذين يسعون للحصول على أفضل قيمة مقابل المال في وقت تتزايد فيه الأسعار في مختلف القطاعات.
ويمكن هذا النموذج المتطور توسيع نطاق نشاط هذه المجموعات بشكل أسرع، مستفيدة من قوة علاماتها التجارية والعروض التجارية المدروسة بعناية.
في المقابل، تواجه محلات البقالة التقليدية، التي يصل عددها في المغرب إلى حوالي 1.8 مليون محل، صعوبة في مجاراة هذا النموذج.
وتظل هذه المحلات في العديد من المناطق خيارًا رئيسيًا للمستهلكين الذين يفضلون التسوق القريب من منازلهم ويدفعهم ارتباطهم بالعلاقات الاجتماعية مع البقالين.
ومع ذلك، تجد هذه المحلات صعوبة كبيرة في مواجهة المنافسة بسبب ضعف قدرتها على توفير نفس التنوع في المنتجات أو نفس الأسعار التنافسية التي تقدمها العلامات التجارية الكبرى، بالإضافة إلى افتقارها إلى الأنظمة اللوجستية المتطورة التي تتمتع بها الشركات الكبرى.
وفي إطار محاولتها لدعم هذا القطاع المهم، أعلنت الحكومة المغربية عن خطة تهدف إلى تعزيز دور “مول الحانوت” أو محلات البقالة التقليدية في الاقتصاد المحلي.
وأوضح وزير التجارة والصناعة، رياض مزور، أن الخطة تشمل إدخال هذه المحلات إلى عالم التجارة الإلكترونية، مما سيمكنها من تقديم خدمات إضافية للمستهلكين، مثل إتاحة خيارات الدفع الإلكتروني وبيع السلع عبر الإنترنت.
كما ستعمل الحكومة على تسهيل إجراءات تحويل الأموال من خلال هذه المحلات، مما يساهم في تحسين الوضع المالي للبقالين وتعزيز قدرتهم على الصمود أمام التحديات المتزايدة.
رغم هذه التدابير الحكومية، يبقى التحدي الأكبر أمام تجارة القرب هو التكيف مع التحولات السريعة في سلوك المستهلكين، الذين أصبحوا يتجهون بشكل متزايد إلى التسوق عبر الإنترنت أو إلى المتاجر الكبرى التي توفر لهم تجربة تسوق أكثر تطورًا.
وستحتاج محلات البقالة التقليدية إلى الابتكار في الخدمات التي تقدمها، والتركيز على استهداف شرائح الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من المتسوقين في الأسواق الحضرية، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحديث أنظمة الدفع والخدمات اللوجستية.