تبرز المرأة الصحراوية اليوم كركيزة اساسية للتنمية في الاقاليم الجنوبية باعتبارها رمزا للقوة والحكمة والالتزام الراسخ بالقيم الوطنية. فمن العيون الى الداخلة مرورا بالسمارة وبوجدور يجسد مسارها قصة نجاح مغربية حقيقية قائمة على التمكين والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
تندرج هذه الدينامية في اطار النموذج التنموي الجديد للاقاليم الجنوبية الذي اطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس والذي وضع المرأة في صميم استراتيجية التحول الترابي. ففي غضون بضعة عقود اضحت المرأة الصحراوية فاعلة مؤثرة في الحكامة المحلية وريادة الاعمال والترافع الدولي.
وفي الوقت الذي يحتفل فيه المغرب بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء تجسد المرأة الصحراوية اكثر من اي وقت مضى روح هذه الملحمة الوطنية المتمثلة في العزيمة والتقدم فانخراطها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يجعلها ركيزة للاستقرار ونموذجا للادماج الناجح.
وبحسب عائشة الدويهي رئيسة مرصد جنيف الدولي للسلام والديمقراطية وحقوق الانسان فان “مسيرة المرأة المغربية نحو التمكين تشكل امتدادا طبيعيا للمسيرة الخضراء”.
واضافت انه بعد خمسين سنة من هذه المسيرة الملحمية تفرض المرأة الصحراوية نفسها كرمز للعدالة والتقدم وكمساهم فاعل في بناء مغرب حديث ومنصف.
وذكرت الدويهي بالتقدم الكبير الذي حققته المملكة والمتمثل على الخصوص في اصلاح مدونة الاسرة ودستور 2011 وخطة “اكرام” وبرامج التمكين الاقتصادي مشيرة الى ان جميعها يعكس ارادة سياسية قوية لتحقيق المساواة الحقيقية.
يتجسد هذا الطموح في الاقاليم الجنوبية من خلال المشاركة المتزايدة للمرأة في المجالس المنتخبة وفي تدبير الشؤون المحلية.
ومع ذلك تسلط الناشطة الضوء على التحديات المستمرة خاصة العنف والتفاوتات المجالية والفوارق الاجتماعية والاقتصادية معتبرة ان نجاح النموذج المغربي سيعتمد على القدرة على ترجمة النصوص الى واقع عملي.
ودعت الدويهي ايضا الى عدم اغفال الوضع الماساوي للنساء الصحراويات في مخيمات تندوف اللاتي مازلن محرومات من حقوقهن الاساسية.
وبالموازاة مكن الاندماج التدريجي للاقاليم الجنوبية في النسيج المؤسسي والاقتصادي الوطني من فتح افاق جديدة في ما يخص التعليم والصحة والتشغيل والمشاركة السياسية.
وحسب مينة لغزال الخبيرة في التنمية المجالية ورئيسة جمعية “المدافعون عن حقوق الانسان” فان هذا التطور غير بشكل جذري مكانة المرأة الصحراوية في المجتمع مؤكدة ان المرأة في الاقاليم الجنوبية “لم تعد مجرد متفرجة على المسار التنموي الذي تعرفه البلاد بل اصبحت فاعلة حقيقية وشريكة في صنع التغيير”.
وبالفعل اضحى دور المرأة الصحراوية اليوم يتجاوز النطاق المنزلي ليشمل خلق القيمة والابتكار الاجتماعي والحكامة المحلية. ومن خلال حضورهن في قطاعات متنوعة تسجل النساء في الاقاليم الجنوبية نسبة مشاركة سياسية مرتفعة على المستويات المحلية والاقليمية والوطنية.
واشارت لغزال الى ان الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمرأة الصحراوية شهد تقدما ملحوظا خلال العقد الماضي بفضل سياسات عمومية استباقية والرؤية الشاملة للنموذج التنموي الجديد.
من جانبها سلطت الصحفية والباحثة في القانون العام امينة التوبالي الضوء على الدور المحوري للمرأة الصحراوية في دينامية ريادة الاعمال والاقتصاد التضامني مبرزة ان توسيع نطاق الولوج الى التعليم والتكوين مهد الطريق لتواجدها في جميع المجالات (الصحة الهندسة التعليم والامن).
وقد ساهم هذا التحول في الاستقلال الاقتصادي لالاف النساء خاصة المنحدرات من اوساط هشة. ومع ذلك ما تزال المناصفة السياسية ورشا غير مكتمل على الرغم من التقدم المهم في التمثيلية النسائية في المؤسسات المحلية والجهوية بفضل نظام الحصص (الكوتا).
وفي هذا الاطار تدعو التوبالي الى تعزيز مشاركة النساء بشكل اكبر معتبرة ان مستقبل الاقاليم الجنوبية يعتمد على الادماج الكامل للمرأة في جميع جوانب التنمية المستدامة.
من المسيرة الخضراء الى المسيرة من اجل المساواة تشق المرأة الصحراوية مسارا نموذجيا تتقاطع فيه الحداثة والعدالة والهوية فباعتبارها فاعلة في التنمية وراعية للقيم الوطنية وسفيرة لمغرب في تطور مستمر تجسد المرأة الصحراوية احدى ابرز وجوه النجاح الوطني.

