في الأمثال الدارجة المغربية، نستخدم العبارة القائلة: “الفقيه اللي نتسناو براكتو داخل الجامع ببلغتو”. ويستخدم هذا المثل كناية عن خيبة الأمل أو الصدمة من شخص كان يُعتقد أنه يمثل قيماً ومعايير عالية، لكنه بتصرفاته يظهر عكس ذلك تمامًا.
الحياة المزدوجة التي كان يعيشها رئيس شرطة مدريد المكلف بمكافحة غسيل الأموال في الشرطة الوطنية، شكلت صدمة للرأي العام الإسباني.
“أوسكار سانشيز جيل”، رئيس شرطة مدريد، كان يتمتع حسب صحيفة “إل ديباطي” بمسيرة مهنية مميزة، خاصة في وحدة مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، قبل أن يتم القبض عليه الأسبوع الأول من هذا الشهر، وبحوزته مبلغا مهولا من المال، كان يحتفظ به مخبأ داخل منزله، وصل لأكثر من 20 مليون يورو.
الدولة الإسبانية حازمة جدا في محاربة الفساد والمافيا المنظمة، فكل مسؤول فاسد مصيره السجن ومصادرة جميع أمواله ودفعه ليعيش الجحيم مدى حياته خلف الشمس. بمجرد كشف الوجه الحقيقي لرئيس قسم الجرائم الاقتصادية في القيادة العليا للشرطة في مدريد، “أوسكار سانشيز جيل”، تم إلقاء القبض عليه
وجهت للمسؤول الكبير الفاسد، تهم الاشتباه في ارتباطه بشبكة لتجارة المخدرات. وقع الاعتقال في منزله بمدينة “ألكالا دي هيناريس” قرب مدريد، حيث عثر المحققون على مبلغ 20 مليون يورو مخبأ خلف جدار منزله. كما تم العثور على مليون يورو إضافية في مكتبه.
يمثل المبلغ الذي جمعه المفتش الرئيسي رقماً قياسياً في قضايا الفساد داخل قوات الأمن في الدولة الإسبانية. وأفادت مصادر تحقيق بأنه “لم يسبق أن حقق شرطي هذا القدر من المال من خلال إساءة استخدام زيه وشهادته المهنية”.
كان “أوسكار سانشيز خيل” يحافظ على صورة متواضعة داخل جهاز الشرطة، رغم تمتعه بمسيرة مهنية مميزة، خصوصاً في وحدة مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة (Udyco). قلة كانوا يشكّون في أنه، وفقاً لتحقيقات الشؤون الداخلية، قد يكون مرتبطاً بعصابة قوية لتجارة المخدرات متخصصة في تسهيل دخول حاويات الكوكايين إلى موانئ رئيسية في إسبانيا.
وفقاً لتحقيقات الشؤون الداخلية، بدأ تورط “أوسكار سانشيز خيل” في هذه الشبكة أثناء قيادته للمجموعة 36 التابعة لوحدة مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة (Udyco)، والتي كانت متخصصة في مكافحة تهريب المخدرات عبر الإنترنت. خلال هذه المرحلة، يُشتبه في أنه بدأ بالتعاون النشط مع هذه المجموعة الإجرامية، حيث كان يوفر لهم معلومات حول المسارات والجداول الزمنية الآمنة التي يمكن خلالها تمرير الحاويات دون أن تخضع للتفتيش.
تشير التحقيقات إلى أن “أوسكار سانشيز خيل” كان يتلقى مبالغ مالية ضخمة نقداً مقابل توفير هذه المعلومات. ووفقاً للمحققين، فإن العمولات التي كان يحصل عليها عن كل حاوية قد تتجاوز في بعض الحالات مليون يورو.
ورغم ذلك، تعد هذه المبالغ ضئيلة مقارنة بالأرباح التي حققها العصابة، والتي قد تتجاوز 500 مليون يورو، مثل القيمة المقدرة لشحنة تم ضبطها في ميناء الجزيرة الخضراء في 14 أكتوبر الماضي، وهي الأكبر في تاريخ إسبانيا.
تم إخفاء جزء من الأرباح التي حصل عليها سانشيز جيل في منزل شريكته في مدينة “ألكالا دي هيناريس”، حيث عُثر على حوالي 20 مليون يورو مخبأة داخل جدار في إحدى الغرف. كما عُثر على نحو مليون يورو أخرى في مكتبه بالقيادة العليا للشرطة، كانت مخبأة داخل حقيبة.
حالياً، يقبع سانشيز جيل وشريكته وشقيقة شريكته بالإضافة إلى عشرات المتورطين الآخرين في السجن بأمر من المحكمة الوطنية. يواجهون تهماً تشمل تهريب المخدرات، الرشوة، الانتماء إلى منظمة إجرامية، الإخلال بواجب ملاحقة الجرائم، وغسيل الأموال.