تبدو إيران أكثر ثقة بعد التصعيد العسكري الأخير، في وقت يواصل فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترديد شعارات النصر، رغم أن أيا منهما لم يوجه الضربة الحاسمة لطهران.
بعد أيام من القصف المتبادل، أوقف الجانبان العمليات في لحظة وصفت بأنها فارقة. وفي حين كان البعض يتوقع انهيارا إيرانيا، خرج المرشد الأعلى علي خامنئي بخطاب تحدٍ قال فيه إن بلاده صمدت، فيما أعلن الجيش الإيراني أن طهران فرضت إرادتها على واشنطن وتل أبيب.
ترامب، الذي ظهر مرتبكا، نفى ما تروج له طهران وقال إن “الإيرانيين يكذبون بشأن انتصارهم”، إلا أن بقاء النظام الإيراني واقفا دفعه لإطلاق خطاب الانتصار. وواصل خامنئي تحديه بتأكيد التمسك ببرنامج الصواريخ وتخصيب اليورانيوم، في ظل استحضار الذاكرة الليبية وسيناريو معمر القذافي الذي تخلى عن برنامجه النووي وانتهى مقتولا.
ومع غياب أي تقدم حقيقي في مسار المفاوضات، أكد مسؤولون إيرانيون أنهم لن يستأنفوا التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مؤشر جديد على أن طهران لم تتلق ضربة استراتيجية كما ادعت واشنطن.
من جهته، يركز ترامب على شعبية داخلية مرتبطة بأسعار النفط، إذ انخفض سعر البرميل إلى 65 دولارا بعد وقف العمليات، ما انعكس على أسعار البنزين قبيل احتفالات الاستقلال الأمريكي. أما إسرائيل، فهي بحسب مراقبين، لم تحقق أيا من أهدافها المعلنة، رغم التصريحات الرسمية التي تؤكد العكس.
نتنياهو، الذي لم يسبق له إنهاء أي حملة عسكرية حاسمة كما في غزة خلال السنوات الماضية، يواجه اتهامات متجددة بالجبن السياسي. ورغم الضربات التي طالت بعض المنشآت الإيرانية، فإن تقارير دولية تؤكد أن طهران لا تزال تحتفظ بقدرة على تخصيب اليورانيوم خلال أشهر.
لمح الرئيس الأمريكي السابق إلى احتمال عقد مفاوضات قريبة، لكنه لم يقدم أجوبة واضحة حول كيفية وقف البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد انسحاب حاملات الطائرات الأمريكية من المنطقة، مما قلل من الضغط العسكري المباشر على إيران.
في المقابل، لم يبدِ وزير الخارجية الإيراني أي ليونة، مشترطا وقف الإهانات العلنية من ترامب لخامنئي كمدخل للعودة إلى الحوار.
يعكس الوضع الراهن مشهدا معقدا، لا هو انتصار حاسم لطهران، ولا هزيمة واضحة لها. لكنه بالتأكيد يعكس فشلا أمريكيا وإسرائيليا في فرض شروطهما الكاملة، ونجاحا إيرانيا جزئيا في البقاء على الطاولة دون خسارة وجودية.