نفذ الجيش الجزائري تدخلًا عنيفًا داخل مخيمات تندوف، حيث يعيش آلاف الصحراويين المحتجزين تحت هيمنة مباشرة من السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو، في ظروف مأساوية تتفاقم بفعل القمع والتضييق الأمني.
وجاء هذا التحرك العسكري، الذي استُخدمت فيه وحدات مدرعة وقوات خاصة، بذريعة التصدي لما وصفته الجزائر بـ”المتمردين الصحراويين”، في خطوة تؤكد بوضوح الدور المباشر للعسكر الجزائري في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ويعكس التدخل العنيف، الذي وصفته مصادر حقوقية بالقمع الممنهج وغير المبرر، تصاعد الاحتقان داخل المخيمات، حيث بات سكانها رهائن لسياسات الجزائر الإقليمية.
ومن خلال عسكرة المخيمات واستهداف المحتجزين، تكرس الجزائر تناقضها الصارخ بين ادعائها دعم “حق تقرير المصير” وبين ممارساتها التي تفرض سيطرة عسكرية وأمنية مشددة على سكان المخيمات، مما يحوّلهم فعليًا إلى رهائن تخدم أجندتها.
وأفادت مصادر مطلعة بأن التصعيد العسكري جاء بعد اندلاع احتجاجات داخل المخيمات، حيث تصاعدت مطالب السكان ضد فساد قيادة البوليساريو وسوء إدارتها، مما دفع الجزائر إلى التدخل بقبضة حديدية لإخماد الغضب الشعبي بالقوة.
هذا القمع يعكس هشاشة العلاقة بين النظام الجزائري وقيادة البوليساريو، حيث تسعى الجزائر إلى فرض هيمنتها المطلقة حتى لو كان ذلك على حساب معاناة الصحراويين، الذين يُستخدمون كورقة ضغط سياسية في صراعها مع المغرب.
ويأتي هذا التصعيد العسكري في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لإيجاد حل سياسي دائم للنزاع، حيث يزداد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب باعتبارها الحل الواقعي الوحيد.
غير أن الجزائر، التي ترفض أي تقدم سياسي، تصرّ على تأجيج النزاع وتعطيل أي تسوية محتملة، بهدف إطالة أمد الأزمة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
وفي ظل تفاقم أزماتها الداخلية على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، يلجأ النظام الجزائري إلى تصدير أزماته عبر عسكرة المنطقة وزعزعة الاستقرار الإقليمي.
هذه السياسة، التي تُفاقم معاناة المحتجزين في تندوف، جعلت الجزائر تواجه انتقادات دولية متزايدة، حيث تتهمها تقارير حقوقية بأنها المسؤول الأول عن التدهور الإنساني والانتهاكات المستمرة داخل المخيمات.
ويفضح التدخل العسكري الأخير زيف الخطاب الجزائري الذي يدّعي الحياد، بينما يثبت واقعًا أن الجزائر طرف أساسي ومباشر في النزاع. سيطرة الجيش الجزائري على المخيمات وتحكمه في مصير سكانها يكشفان أن الجزائر لا تسعى إلى “تقرير المصير”، بل إلى التحكم في مصير الصحراويين وفقًا لمصالحها الخاصة.
وفي ظل هذا التصعيد، يزداد الدعم الدولي للموقف المغربي، الذي يطرح حلاً سياسياً عملياً عبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتباره الخيار الوحيد القادر على إنهاء معاناة السكان وضمان استقرار المنطقة. أما الجزائر، التي لا تزال متمسكة برهاناتها العسكرية، فإنها تتحمل مسؤولية مباشرة عن تفاقم الوضع الإنساني في تندوف وعن المخاطر التي تهدد الأمن الإقليمي في شمال إفريقيا.