تجسد الشراكة القائمة بين المغرب والمؤسسات الفلسطينية، التزامًا متواصلاً بدعم صمود المقدسيين والحفاظ على الطابع العربي والإسلامي للمدينة، وفق رؤية تجمع بين البعد الإنساني والتنموي.
فمنذ إحداث وكالة بيت مال القدس الشريف، سنة 1998، بقرار من لجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس، أضحت هذه المؤسسة إحدى أبرز الآليات الميدانية لدعم سكان المدينة المقدسة، عبر مشاريع تمس القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والتشغيل.
ويرى محافظ القدس، عدنان غيث، أن هذه الشراكة “تساهم في تحسين الوضع الاجتماعي للفلسطينيين، خاصة في المجالات ذات التأثير المباشر”، مشيدًا بالدور الذي تضطلع به المملكة المغربية في الدفاع عن القضية الفلسطينية والمساعدات التي توفرها الوكالة.
ويضيف أن توسيع هذه الشراكة يظل ضروريًا في ظل التحديات التي تواجهها المدينة المقدسة، مشددًا على أهمية دعم الأسر المحتاجة والطلبة والمزارعين، وهي الفئات التي تحظى بأولوية في البرامج التي تنفذها الوكالة.
وتتمحور هذه الجهود حول دعم مشاريع صغيرة مدرة للدخل لفائدة 60 أسرة مقدسية، إضافة إلى تمويل الحملة السنوية لقطاف الزيتون، التي يستفيد منها 1800 مزارع في 28 قرية بالقدس، من خلال توفير المعدات اللازمة لتسهيل العملية.
كما يشمل البرنامج تنظيم حفل سنوي لتكريم الطلبة المتفوقين في امتحانات الثانوية العامة، حيث استفاد 45 طالبًا خلال السنة الماضية، إضافة إلى توزيع مساعدات اجتماعية خلال شهر رمضان، تحت إشراف محافظة القدس، لضمان وصولها إلى الأسر المستحقة.
وفي هذا الإطار، يؤكد المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، أن “المغرب مستمر، بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في دعم القدس وأهلها، انسجامًا مع التزامه التاريخي تجاه القضية الفلسطينية”.
ويضيف الشرقاوي، أن الوكالة تعمل بتنسيق وثيق مع المؤسسات الشرعية الفلسطينية لضمان توزيع عادل للمشاريع على مختلف مناطق القدس، بما يعزز صمود سكانها في مواجهة التحديات الراهنة.
ويعكس هذا الالتزام مقاربة مغربية قائمة على الجمع بين العمل الدبلوماسي والميداني، حيث يتجلى البعد السياسي في الدفاع المستمر عن الحقوق الفلسطينية داخل المحافل الدولية، بينما يبرز البعد التنموي من خلال مبادرات عملية تهدف إلى تحسين ظروف العيش في القدس.
وبينما تستمر السياسات الاستيطانية في فرض ضغوط متزايدة على المقدسيين، تظل مثل هذه الشراكات ركيزة أساسية للحفاظ على الهوية التاريخية للمدينة وتعزيز صمود سكانها أمام التحديات التي تواجهها.