قدّم المغرب، الأربعاء في طنجة، ملامح رؤيته الاستراتيجية في مجال الموانئ والبنية التحتية الساحلية، خلال افتتاح الدورة السادسة للأيام المتوسطية للهندسة المينائية والساحلية، المنعقدة لأول مرة في القارة الأفريقية.
وسلّطت المملكة، خلال أشغال الجلسة الافتتاحية، الضوء على تصوّر يرتكز على جعل الموانئ رافعة متكاملة للتنمية، في ظل تحولات مناخية ورقمية متسارعة، وضغوط جيوسياسية متزايدة على حركة التجارة العالمية في حوض المتوسط.
وأبرز وزير التجهيز والماء نزار بركة أن المغرب “لا يكتفي بتوسيع منشآته، بل يعمل على إعادة تعريف وظيفة الميناء، من مجرد مرفق عبور إلى منصة إنتاجية مرنة، مندمجة في محيطها البيئي والإقليمي”.
وأشار إلى أن مشاريع مثل ميناء الداخلة الأطلسي وميناء الناظور غرب المتوسط وتوسعة ميناءي طنجة المتوسط والدار البيضاء، “ليست فقط بنيات تحتية ضخمة، بل تعبير عملي عن رؤية وطنية تربط المردودية الاقتصادية بالاستدامة”.
أربع دعائم تقنية
وأكد الوزير أن الرؤية المغربية تقوم على أربع دعائم: الانتقال الطاقي، التكيف مع آثار التغيرات المناخية، إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي في التدبير، وضمان الأمن والسلامة التشغيلية للمنشآت البحرية.
وسجّل أن هذه الرؤية “تستدعي هندسة مبتكرة واستباقية، قادرة على مواجهة تآكل السواحل، وارتفاع منسوب المياه، والظواهر الجوية القصوى”.
من جهتها، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي أن الممر الأطلسي الذي أطلقه الملك محمد السادس “يشكل امتدادا لهذه الرؤية”، موضحة أنه “ليس ممرا لوجستيا فحسب، بل أداة دبلوماسية واقتصادية من أجل شراكات جنوب-جنوب فعالة”.
وأضافت أن سياسة المغرب الساحلية تستند إلى إطار قانوني ومؤسساتي واضح، انطلاقا من القانون 81.12 حول الساحل، والمخطط الوطني المصادق عليه سنة 2022.
إشادة دولية
وأشاد رئيس الجمعية العالمية للبنى التحتية البحرية والنهرية فرانسيسكو إستيبان ليفلر باحتضان المغرب لهذا الموعد الدولي، مشيرا إلى أن “المتوسط يواجه تحديات بيئية مشتركة تتطلب تنسيقا متعدد الأطراف”.
فيما اعتبرت رئيسة الجمعية المغربية للهندسة المينائية والبحرية سناء العمراني أن تنظيم هذه الدورة في طنجة “يعكس تطور القدرات الوطنية”.
وشهدت الدورة توقيع ثلاث اتفاقيات شراكة تقنية وعلمية، إلى جانب تنظيم الدورة الثالثة من “يوم البنية التحتية” من طرف الوكالة الوطنية للموانئ.
وأعلن المدير العام للوكالة مصطفى فارس عن مشروع جديد باسم “e-Bloc Made in Morocco”، وهو “مكون ذكي من تصميم محلي، يعكس توجه المغرب نحو تصنيع حلوله المينائية داخليا”.
وتتواصل فعاليات الدورة على مدى يومين، بمشاركة أكثر من 500 مهندس وخبير من أوروبا وأفريقيا وآسيا، وتشمل عروضا تقنية وجلسات تفاعلية وزيارات ميدانية إلى منشآت طنجة، وفي مقدمتها ميناء طنجة المتوسط ومنارة كاب سبارطيل.
ويُنتظر أن تُختتم الدورة بتوصيات فنية تتقاطع مع أولويات الاستدامة والسلامة، في أفق تعميق التعاون الإقليمي في حوض المتوسط وتعزيز مكانة المغرب كمحور مينائي في القارتين.

