دخل موضوع الذكاء الاصطناعي على خط المشاورات التي تقودها وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية استعدادا للانتخابات التشريعية المقررة في 2026، بعدما أدرجته بعض التشكيلات في مذكراتها الموجهة إلى السلطات.
وتحذر هذه الأحزاب من مخاطر توظيف هذه التقنية في الحملات الانتخابية عبر إنتاج صور أو خطابات مفبركة يصعب التمييز بينها وبين المحتوى الحقيقي، ما قد يؤثر على ثقة الناخبين ويقوّض مبدأ التنافس العادل.
ووصف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، الذكاء الاصطناعي بـ”السلاح ذي الحدين”، موضحا أنه قد يساعد الأحزاب على تحسين تواصلها، لكنه قد يتحول أيضا إلى أداة لتزييف الوقائع. داعيا إلى وضع قواعد قانونية صارمة تضمن نزاهة الاستحقاقات المقبلة.
وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد أثار بدوره هذه المسألة تحت قبة البرلمان، مشيرا إلى أن وزارته تعمل على تصور تشريعي يواكب التطورات الرقمية ويمنع أي توظيف مسيء للتقنيات الجديدة في المجال السياسي.
من جانبها، اعتبرت وزيرة التحول الرقمي، أمل الفلاح سغروشني، أن المغرب مطالب بسرعة اعتماد إطار وطني لحوكمة الذكاء الاصطناعي يحدد قواعد استعماله ويحصّن الفضاء العمومي، خاصة خلال المواعيد الانتخابية.
وتعليقا على هذا، ذهب الخبير في نظم المعلومات عبد المغيث الشيباني، أبعد في التحذير. وقال إن “الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أدوات برمجية، بل تحول إلى منصات قادرة على إنتاج مقاطع فيديو وصور ورسائل سياسية يصعب كشف زيفها بالعين المجردة”.
وأضاف الشيباني في تصريحات لصحيفة “وطن 24″، أن “التطورات الأخيرة جعلت من الممكن محاكاة أصوات أشخاص معروفين أو تركيب خطابات على لسان قادة سياسيين، ما يضاعف خطر التضليل خلال الحملات”.
وأوضح الشيباني أن ما يزيد من تعقيد الوضع هو “قدرة هذه الخوارزميات على استهداف شرائح دقيقة من الناخبين، استنادا إلى معطياتهم الشخصية وسلوكهم على الشبكات الاجتماعية، وهو ما قد يغيّر اتجاهات التصويت من دون وعي الناخب نفسه”.
وبرأيه، فإن مواجهة هذه التحديات تتطلب “استثمارا في أنظمة التحقق الرقمي المتقدمة، وتطوير وحدات للرصد داخل المؤسسات الانتخابية، إلى جانب إلزام الأحزاب بالكشف عن طبيعة الأدوات الرقمية التي تستعملها”.
وختم الخبير المعلوماتي بالقول إن “المسألة لم تعد تقنية بحتة، بل أصبحت جزءا من ضمان الشفافية السياسية وصون الثقة في العملية الديمقراطية”.
وتأتي هذه النقاشات ضمن مراجعة أوسع تقودها وزارة الداخلية تشمل تمويل الحملات وتمثيلية النساء والشباب والعتبة الانتخابية.
غير أن حضور البعد التكنولوجي في مذكرات الأحزاب يكشف عن وعي متزايد بأن مستقبل العملية الانتخابية سيتوقف أيضا على حماية الفضاء الرقمي من أي انزلاقات.

