استنفرت صحيفة “لوموند” الفرنسية التمثيلية الدبلوماسية للنظام الجزائري بعد نشرها لمقال تحت عنوان “الجزائر في وضعية الجمود السلطوي”، حيث قام السفير الجزائري بفرنسا محمد عنتر داود بتوجيه توضيح إلى هيئة التحرير
- Advertisement -
L’Algérie dans l’impasse autoritaire https://t.co/0qo043Nfqz
— Le Monde (@lemondefr) June 5, 2021
- Advertisement -
وذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن النظام الجزائري “خنق الاحتجاجات واستأنف تصرفاته السلطوية”، وكتبت ضمن افتتاحيتها لعدد نهاية الأسبوع بعنوان “الجزائر في وضعية الجمود السلطوي”، أن “الرئيس تبون لم يحقق شيئا من وعوده بالتحرير والإنصات إلى الشباب، مقدما واجهة مدنية بسيطة للجيش”.
- Advertisement -
وأضافت اليومية أن الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم السبت 12 يونيو، والتي ينبغي أن تؤشر على التطبيع المؤسساتي للبلاد، يبدو أنها ستشكل موعدا جديدا ضائعا بالنسبة للديمقراطية الجزائرية، مشيرة إلى أن “الخناق يشتد شيئا فشيئا على رغبة الجزائريين في الديمقراطية”، عشية هذه الاستحقاقات.
لكن سفير الجزائر بباريس محمد عنتر داود وصف مضمون المقال بـ”العداء غير المسبوق الذي أظهرته لوموند إزاء الجزائر”، في افتتاحية طبعتها الصادرة يوم 5 يونيو الجاري، متسائلا عن “الاسباب الحقيقية لمثل هذا التحامل الذي يتجدد خاصة مع اقتراب أي موعد سياسي”.
و في توضيح موجه لجريدة لوموند قال السفير الجزائري: إن “الافتتاحية التي حررت من قاعة تحرير باريسية، دون انتظار أن يطلع مبعوثكم الخاص الذي يتأهب للذهاب الى الجزائر من 8 الى 14 يونيو، على حجم اقبال الشعب الجزائري سيما الشباب على هذه المرحلة الحساسة من البناء المؤسساتي للجزائر الجديدة، اشارت بذاتية غريبة إلى موعد ضائع للديمقراطية الجزائرية”.
كما تساءل الدبلوماسي الجزائري ايضا “هل تخدم صحيفة لوموند المصالح الخفية للوبيات المعادية لأي علاقة هادئة بين الجزائر و فرنسا؟” مشيرا في هذا الصدد الى ان “السؤال يبقى مطروح”.
وكانت الصحيفة قد سجلت أن القمع المكثف، اللامتكافئ في وجه حركة سلمية، أطبق على الحراك، هذه الحركة الشعبية التي طالبت، بعد رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أبريل 2019، كما هو الحال منذ الاستقلال في العام 1962، بتأسيس دولة مدنية وغير عسكرية.
وبحسب كاتب المقال، “يبدو بأن الوقت قد مضى بالفعل عندما أشاد عبد المجيد تبون، الرئيس المنتخب في استحقاقات مزورة في دجنبر 2019، بنضج حراك مبارك لأنه أوقف احتمال نيل السيد بوتفليقة لولاية خامسة. ويؤكد رئيس الدولة الجديد اليوم، على غرار أسلافه، أنه رجل الجيش الذي يمارس واقع السلطة، من خلال السعي عبر كافة الوسائل إلى خنق المطالب المتعقلة بالشفافية، الانفتاح والحريات”.
وفي مناخ “مثقل بالخوف”، نجح النظام عن طريق القوة في القضاء، باستثناء القبائل، على المظاهرات الأسبوعية التي كانت تتحدى سلطته، في الوقت الذي يتم فيه تطويق الجزائر العاصمة بصرامة كل يوم جمعة، مع اعتقال ما لا يقل عن 2000 شخص في غضون أسبوعين خلال المظاهرتين الأخيرتين، اللتين نظمتا في أوائل شهر ماي.
وسجلت “لوموند” أن “التصعيد القمعي يتسم بكيل التهم وفرض عقوبات سجنية أكثر فأكثر شدة”، مشيرة إلى أن النشطاء البارزين ومناضلي المعارضة، وهم 214 – الرقم الأعلى منذ عامين – يوجدون في السجون بسبب إبداء رأيهم أو مشاركتهم في مظاهرة.
وأضاف أن القمع يستهدف الآن الأحزاب السياسية القائمة، ما يشكك في السعي إلى إقرار نظام التعددية الحزبية الذي يعود تاريخه إلى سنة 1988.
ووفقا لكاتب الافتتاحية، فإن السلطة التي لم يعد لديها أي حزب إلى جانبها، بوسعها الاعتماد بعد الانتخابات التشريعية، على زعماء سابقين بنظام بوتفليقة، والذين ي قدمون الآن على أنهم نواب “مستقلون”، وكذا على إسلاميين مقربين من جماعة الإخوان المسلمين.
واعتبرت لوموند “أن الجمود السياسي- السلطة التنفيذية المتحكم فيها من قبل الجيش، والبرلمان بدون سلطة حقيقية – يسير جنبا إلى جنب مع وضع اقتصادي مقلق”، مسجلا أن انخفاض أسعار المحروقات التي توفر 60 بالمائة من عائدات الدولة “يضعف قدرة الأخيرة على شراء السلم الاجتماعي والاستثمار”. واعتبر أن الجزائر التي توجد نسبيا في منأى عن فيروس “كوفيد-19″، لكن مع معدل بطالة يزيد عن 14 بالمائة، وديموغرافية دينامية واقتصاد غير مهيأ للتحول الطاقي “يبدو أنه بلد مغلق”.
وخلصت “لوموند” إلى أنه “مع اقتراب الذكرى الستين لاستقلالها، في 5 يوليوز 2022، تشهد الجزائر طفرة أخرى لنظام يبدو أنه غير قابل للتغيير، حيث يصادر الجيش وطبقة تحظى بالامتيازات، مستقبل بلد لا تعوزه الثروات الطبيعية ولا الإمكانات البشرية”.