أشار تقرير صادر عن معهد أبحاث الهجرة الدولي إلى أن المغرب بات يحظى بثقل استراتيجي متزايد في شمال إفريقيا، مرجحا أن تلتحق كل من الصين وروسيا قريبا بالدول الكبرى الداعمة لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط لحل نزاع الصحراء.
وأوضح التقرير، الصادر في الرابع والعشرين من يونيو تحت عنوان “المغرب على مفترق طرق”، أن المملكة تعد من أكثر الدول استقرارا في منطقة المغرب العربي، رغم التوترات المستمرة مع الجزائر، وهو ما جعلها تحظى بدعم أمريكي غير مشروط.
وأضاف أن بكين وموسكو، وهما عضوان دائمين في مجلس الأمن، تتابعان باهتمام تطورات الملف في الأقاليم الجنوبية، ومن المرجح أن تعلنا مواقف داعمة للحكم الذاتي على غرار واشنطن وباريس ولندن، في ما اعتبره التقرير تحولا مفصليا في مواقف القوى الكبرى.
ويأتي هذا التحول في سياق تعزيز الشراكات الاقتصادية بين المغرب والصين، خصوصا في مجالات الطاقة المتجددة وصناعة البطاريات، إذ تستحوذ المملكة على أكثر من سبعين بالمئة من الاحتياطي العالمي للفوسفات، ما يجعلها مركز جذب رئيسي للاستثمار العالمي.
ولفت التقرير إلى استثمار ضخم أعلنته شركة CNGR الصينية بقيمة ملياري دولار لبناء مصنع للكاثودات في المغرب، موجه نحو السوقين الأمريكي والأوروبي، إضافة إلى تحالف كوري صيني لتأسيس منشأة أخرى لتكرير الكاثودات، في مؤشر على تنامي الثقة في البيئة الاستثمارية المغربية.
كما أبرز التقرير دور البنوك المغربية في تعزيز موقع البلاد، حيث أصبحت ثلاثة بنوك وطنية من بين أقوى عشر مؤسسات مالية في إفريقيا، بأصول تتجاوز تسعين مليار دولار وانتشار في اثنين وعشرين بلدا.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، اعتبر التقرير أن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية منذ عام 2020 كان نقطة تحول، تبعته فرنسا في صيف 2024، ثم بريطانيا في مايو 2025، فيما لا تزال مواقف الصين وروسيا قيد التبلور الرسمي.
ورأى التقرير أن انضمام موسكو وبكين إلى الدول الداعمة للمبادرة المغربية من شأنه أن يشكل “القفل الدبلوماسي الأخير” داخل مجلس الأمن، مما سيعزز شرعية المقترح المغربي ويضعف المواقف الانفصالية المدعومة من الجزائر.
كما أشار التقرير إلى مشاريع استثمارية ذات بعد سياسي، مثل عرض مؤسسة بروباركو الفرنسية تمويل خط كهربائي يربط الداخلة بالدار البيضاء، والمساهمة في مشروع أنبوب الغاز المغربي الأوروبي، ما يعكس تحولا في النظرة الدولية للصحراء كمجال للتنمية لا النزاع.
وأكد التقرير أن البيئة الاقتصادية والمؤسساتية في المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، أكثر استقرارا وجاذبية من نظيرتيها في الجزائر وتونس، مشيرا إلى وجود سياسة واضحة لتنظيم الهجرة نحو أوروبا بشكل منسق وفعال.
وختم معهد أبحاث الهجرة تقريره بالتأكيد على أن الشهور المقبلة قد تكون حاسمة في تثبيت الموقف المغربي داخل النظام الدولي، خاصة في حال صدور مواقف رسمية من الصين وروسيا تدعم الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع.