خصصت جريدة “Le Monde” الفرنسية مقالًا ساخرًا للحديث عن شروع الجزائر، لأول مرة في تاريخها، في استعمال أول جهاز للدفع الإلكتروني. ووصفت الجريدة الجزائر بأنها “تعيش في عالم آخر” مقارنة بالواقع الرقمي الذي يعرفه العالم، مشيرةً إلى الحملات الإعلامية الضخمة التي رافقت هذا “الحدث التاريخي” الذي يبدو للبعض كأنه مجرد محاولة لتسويق إنجاز وهمي.
وأشارت الصحيفة الفرنسية في مقالها، الذي نشرته أمس الجمعة، أنه رغم الجهود المبذولة لتحديث النظام المصرفي وتعزيز الدفع الإلكتروني، لا يزال الكثير من المسؤولين يتعاملون مع البطاقات البنكية وكأنها اختراع جديد. هذا الأمر أثار موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعكس هذه الظاهرة الفجوة الواضحة بين الخطاب الرسمي حول الرقمنة والواقع الفعلي، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على الدفع النقدي.
في الواقع، لا يزال الخيار الأول والأخير للمواطن الجزائري هو المعاملات النقدية، مما يجعل الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي عملية معقدة. فعلى الرغم من توفر البطاقات البنكية وانتشار أجهزة الدفع الإلكتروني (TPE)، فإن استخدامها لا يزال محدودًا بسبب ضعف البنية التحتية وتردد التجار والمستهلكين في تبني هذه الأنظمة.
أعلنت الحكومة الجزائرية في نونبر الماضي عن السماح باستخدام البطاقات المصرفية الدولية مثل “فيزا” و”ماستركارد” لتسهيل المعاملات المالية. كما أطلقت “بريد الجزائر” حملة توعوية لتعزيز استخدام البطاقة الإلكترونية “الذهبية”. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف كبيرة من فعالية هذه الإجراءات، حيث يشكو العديد من المواطنين من الأعطال التقنية ونقص السيولة في الشبابيك الآلية.
تظهر مقاطع الفيديو التي تُظهر دهشة المسؤولين أمام أنظمة الدفع الحديثة الفجوة بين المسؤولين والواقع المعيشي للجزائريين، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق تحول رقمي شامل في البلاد. بينما تسعى الجزائر إلى اللحاق بركب الدول الرقمية، يبقى الطريق طويلاً ومليئًا بالتحديات. إن تحقيق هذا التحول يتطلب أكثر من مجرد إعلانات أو حملات توعوية، بل يحتاج إلى جهود حقيقية لتحسين البنية التحتية وبناء الثقة مع المواطنين. فهل ستنجح الجزائر في تجاوز هذه العقبات، أم ستبقى في عالمها الخيالي بعيدًا عن التطورات الرقمية العالمية؟