تشهد مدينة مكناس، المعروفة بتراثها العريق وأسواقها التقليدية، نشاطاً تجارياً مكثفاً مع اقتراب شهر رمضان، حيث تستعد الأسر لاستقبال الشهر الفضيل وفق التقاليد والعادات المغربية المتوارثة.
وتعد المدينة العتيقة لمكناس، المصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو، القلب النابض للحركة التجارية، إذ تكتسي أزقتها وأسواقها طابعاً خاصاً خلال هذه الفترة، يعكس الأجواء الروحانية والاجتماعية للشهر الكريم.
في سوق لهديم التاريخي، الذي يقع قرب باب المنصور الشهيرة، يتوافد الزبائن بكثافة لاقتناء مستلزمات المائدة الرمضانية. وتتميز هذه الأسواق بعرض متنوع من المنتجات التقليدية، مثل الشباكية، البريوات، الفطائر المغربية، ورقائق البسطيلة، إضافة إلى التمور بمختلف أصنافها.
وقال محمد الحاضي الله، بائع الزيتون، إن الطلب يرتفع بشكل كبير على الزيتون خلال هذه الفترة، نظراً لاستخدامه في العديد من الأطباق الرمضانية مثل الطاجين والفطائر المحشوة.
وأضاف أن الأسعار بقيت مستقرة نسبياً، باستثناء بعض الأصناف التي شهدت ارتفاعاً طفيفاً.
إلى جانب الحلويات المغربية، تشهد محلات التوابل والفواكه الجافة انتعاشاً ملحوظاً، حيث يقبل المواطنون على شراء مكونات تحضير أطباق تقليدية مثل “السفوف” وبعض الحلويات الرمضانية. وأوضح هشام بوزيدي، أحد تجار السوق، أن الطلب يتزايد بشكل واضح مع اقتراب رمضان، ما ينعش النشاط التجاري بالمدينة.
ومع ارتفاع الطلب على المواد الغذائية، تكثف السلطات المحلية جهودها لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار، حيث تقوم اللجنة الإقليمية المختلطة لمراقبة الجودة والأسعار بجولات ميدانية يومية لضمان توفر السلع ومحاربة أي ممارسات احتكارية.
وأكد محمد باعيو، رئيس مصلحة العمل الاقتصادي بعمالة مكناس، أن الأسواق تشهد وفرة في المنتجات الأساسية، وأن الأسعار لم تشهد تغيرات كبيرة مقارنة بالسنة الماضية. وأضاف أن السلطات تسهر على ضمان تموين الأسواق بشكل منتظم، وفق التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى توفير ظروف مناسبة لاستقبال الشهر الفضيل.
يتجاوز الاستعداد لشهر رمضان في مكناس الجانب التجاري، ليشمل الأجواء الروحية والاجتماعية التي تميز هذه الفترة، حيث تشهد المساجد إقبالاً متزايداً، وتحرص العائلات على الحفاظ على عادات متوارثة، تجعل من رمضان مناسبة خاصة تتجدد فيها قيم التضامن والتلاحم الاجتماعي.