“ثروة لا تنضب”، إنه التعبير الذي اختاره الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لوصف الطاقات المتجددة في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للطاقات النظيفة التي تتجسد بشكل متزايد على أنها الحل الأمثل للتصدي لاستغلال الوقود الأحفوري المضر بالبيئة.
وبحسب تعريف الأمم المتحدة، فالأمر يتعلق بأي طاقة من مصدر متجدد، سواء الشمسية أو الريحية أو المائية أو الحرارية الأرضية أوالإحيائية ، والهدف هو الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وإزالة الكربون من الإنتاج، من أجل التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقصى حد.
على الصعيد العالمي، يعني التحول الطاقي جعل 83 في المائة من إجمالي القدرة الإنتاجية المضافة في عام 2022 مصدرها الطاقات المتجددة، التي ولدت 2 في المائة من الكهرباء المستهلكة، وفقا لأحدث تقرير صادر عن المركز المغربي للظرفية الاقتصادية.
نجحت أشغال الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب28) التي نظمت نهاية العام الماضي في مدينة دبي بالامارات العربية المتحدة في انتزاع التزام تاريخي يقضي بالتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري لبلوغ الحياد الكربوني في عام 2050 وفقا لـ اتفاق باريس، وهو قرار يسلط الضوء على جدوى الطاقات الخضراء البديلة ضمن إطار سوسيو اقتصادي يهدف إلى تعزيز العدالة المناخية.
و في هذا الصدد ، قالت ياميد داغنيت، مديرة العدالة المناخية في مؤسسة المجتمع المنفتح، وهي شبكة ضمن مؤسسات تعنى بالنهوض بالحكامة الديمقراطية وحقوق الإنسان والإصلاح السوسيو اقتصادي “هذه إشارة مشجعة، وقد كان من الصعب للغاية التفاوض بشأنها، خاصة في سياق جيوسياسي معقد”.
وأوضحت مفاوضة المناخ السابقة في حديث خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن ” الإرادة السياسية والشفافية وتناسق هذه الالتزامات يعتبر ضروريا للغاية، لأن التوافق يظل هشا وغامضا في بعض الأحيان”.
وأعطت كمثال على ذلك الغاز الطبيعي الذي يوصف بمصدر للطاقة انتقالي لاعتبارات أخلاقية تتعلق بالقدرة الانتقالية لبعض البلدان، ولكن يمكن استخدام هذا المعطى كأسلوب للمماطلة من قبل الدول الكبرى المسؤولة عن الانبعاثات ، وتقويض أهداف اتفاق باريس ، بما في ذلك الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية.
وفيما يتعلق بالوقت اللازم لتنفيذ هذا الالتزام، دعت الخبيرة إلى نموذج اقتصادي عالمي (للإنتاج والاستهلاك والتجارة) وفق مقاربة أكثر منهجية.
وشددت على أن الوقت قد حان أيضا لـ”تجديد التضامن الدولي والإقليمي والمحلي” من أجل مواجهة الاختلافات في التمويل والتعاون بين الدول ضمن إطار زمني أمثل.
وأوضحت السيدة داغنيت أن المطلوب هو التحول نحو اقتصاد تضامني، مستدام ومنصف ومرن ومنخفض الكربون، مضيفة أن ” التحول إلى الطاقة النظيفة يتيح العديد من الفرص من أجل حياة أفضل، شريطة أن نستثمر كما ونوعا وبالسرعة الكافية، إشراك جميع الاطراف المعنية”.
وبحسب المتخصصة فإنه لابد من الاعتراف بأن البلدان التي تساهم بأقل قدر في التلوث والاستغلال المفرط للموارد هي عموما الأكثر فقرا وعرضة لتغير المناخ.
ومع ذلك، فإن الأمر يتعلق بتقاسم الفوائد – وليس فقط تكاليف هذا التحول في مجال الطاقة، والأخذ في الاعتبار أن بعض التدابير يمكن أن يكون لها آثار سلبية على بلدان دون غيرها.
وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار الوقود الأحفوري في السنوات الأخيرة، تتسارع القدرة التنافسية للطاقات المتجددة، متحدية توفير 520 مليار دولار بفضل الطاقات المتجددة بجميع أنواعها، وفقا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقات المتجددة (إيرينا) سنة 2022. .
وخلال العام نفسه، سينخفض متوسط تكلفة الكهرباء المرجحة بنسبة 22 في المائة للطاقة الحرارية الأرضية، و13 في المائة للطاقة الإحيائية ، و5 في المائة لطاقة الريحية البرية، و3 في المائة للكهروضوئية، حسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
وفي المغرب، يعد الاستثمار في الطاقات المتجددة بتحقيق نقلة نوعية في أفق 2027، خاصة بفضل إشراك القطاع الخاص، كما أشارت في وقت سابق من هذا الشهر وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بن علي ، مبرزة أن الهدف هو تغطية 52 في المائة من الاحتياجات الطاقية للمملكة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وفي الوقت الذي تطوى فيه صفحة الوقود الأحفوري، فإن رياح التغيير تجعل الطاقة النظيفة أكثر من مجرد ضرورة بيئية، مما يمهد الطريق لاقتصاد أكثر إخضرارا وأكثر استدامة وإنصافا من أي وقت مضى.