تواصل القيادة العسكرية الجزائرية، اتباع أساليبها المعتادة في محاولة لبسط نفوذها خارج حدودها، في وقت يواجه فيه النظام أزمات داخلية خانقة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويبدو أن موريتانيا أصبحت آخر ساحة تستهدفها هذه القيادة التي يشرف عليها المدعو السعيد شنقريحة، في إطار محاولاتها البائسة للحد من الحضور المغربي المتنامي في المنطقة.
ولطالما اعتمد النظام العسكري الجزائري على سياسات التخويف والترهيب لإضعاف جيرانه أو التأثير على قراراتهم السيادية، غير أن هذه السياسات غالبا ما ترتد عليه بنتائج عكسية.
ففي موريتانيا، يتضح أن هذه المناورات لا تلقى سوى رفض صريح من نواكشوط، التي تُظهر استقلالية متزايدة في سياستها الخارجية، بعيدًا عن الضغوط التي تحاول الجزائر ممارستها.
وتدرك القيادة العسكرية الجزائرية جيدًا أن تنامي العلاقات المغربية-الموريتانية يشكل صفعة جديدة لخططها الإقليمية التي طالما بنيت على خلق الانقسامات وتغذية الصراعات.
لكنها، كما هي عادتها، تختار الرد على هذا التحدي عبر تدخلات غير مشروعة، بدلًا من مواجهة أزماتها الداخلية أو إصلاح علاقاتها الخارجية.
ما يدعو للاستغراب أن هذا النظام، الذي يرفع شعارات “عدم التدخل في شؤون الآخرين”، يُظهر تناقضًا صارخًا في ممارساته، إذ لا يتوانى عن التورط في مخططات تستهدف سيادة دول الجوار.
وليست هذه التصرفات سوى دليل آخر على غياب الرؤية الاستراتيجية لدى القيادة الجزائرية، التي تفضل الاستمرار في مغامرات خاسرة بدلًا من معالجة مشاكلها الهيكلية.
غير أن موريتانيا، التي أصبحت نموذجًا للاستقرار النسبي في منطقة تعاني من الاضطرابات، لن تكون ساحة لتصفية الحسابات الجزائرية، رغم المحاولات المتكررة من “عصابة شنقريحة”.
وإذا كان النظام الجزائري يعتقد أن بإمكانه تعطيل مسار التقارب بين نواكشوط والرباط، فإنه يتجاهل الواقع الجديد الذي تفرضه التحولات الجيوسياسية في المنطقة.
وستظل القيادة الجزائرية مثالًا للأنظمة التي تُضيع ثروات شعوبها على نزاعات خارجية عقيمة، بدلًا من توظيفها في بناء دولة ديمقراطية قوية.
لكن موريتانيا لن تكون جزءًا من هذا المخطط الفاشل، تمامًا كما لم تنجح هذه السياسات في دول أخرى حاولت الجزائر العبث بمصيرها.