حين تلتقي الاستثناءات الظرفية مع أرقى تقاليد الدولة المغربية، تظهر المؤسسة الملكية بوصفها الحارسة لروح الأمة وميزانها في لحظات التحول والضغط الاجتماعي.
فقد جاء قرار الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، بحصر ممارسة شعيرة عيد الأضحى في شخصه لعام 2025، خطوة غير مسبوقة في التدبير الديني والمؤسسي، وتعبير عن القدرة المتجددة للمؤسسة على صياغة الجواب الملائم في كل منعرج دقيق تمر به البلاد.
هذه المبادرة الملكية لم تكن فقط استجابة مباشرة لتحديات اقتصادية واجتماعية فرضها شح الموارد وارتفاع الأسعار، بل ارتقت إلى مستوى الإحاطة بالأمن الروحي والسكينة العامة، في ظل مجتمع يعيش آثار سنوات من الجفاف وصعوبات تدبير القطيع الوطني من الأضاحي.
ومن خلال إعلان “النيابة الحصرية” في تدبير شعيرة الأضحية، جسد الملك موقعه كضامن للتوازن بين الضرورات الشرعية واعتبارات المصلحة العليا للوطن، فكان القرار تعبيرا عن مركزية إمارة المؤمنين في صون الإجماع الوطني، بعيدا عن الحسابات التقنية أو التدبيرية التقليدية.
وفي مثل هذه اللحظات، يصبح الالتزام بتوجيهات المؤسسة الملكية ليس مجرد تقيد بروتوكولي أو التزام إداري، بل جزءا من البناء الرمزي للنظام العام، حيث تتحول التفاصيل الإجرائية إلى مرآة لمستوى الانسجام الجماعي حول القيادة الشرعية.
وأي تجاوز لهذا النسق، مهما كان السياق، يجد تفسيره في سعي الإدارة العمومية إلى استدراك الهفوات وتعزيز روح الانضباط والالتفاف حول المؤسسة المرجعية.
إن درس هذا العام يكمن في القدرة الجماعية على ترجمة منطق النيابة الحصرية إلى ممارسة مسؤولة، تضع في صلب أولوياتها الانسجام مع التوجيهات العليا والقدرة على التكيف مع السياقات الاستثنائية.
هكذا يظل النموذج المغربي محافظا على خصوصيته، من خلال المزاوجة بين الشرعية الدينية وروح المسؤولية الوطنية في تدبير أدق التفاصيل المرتبطة بالحياة العامة، وخاصة في لحظات التحول التي تتطلب إجماعا لا لبس فيه حول مرجعية القرار الوطني.