في ظل تنامي التحالفات العالمية وتغير موازين القوى، يثير التحالف غير الرسمي بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية قلقًا متزايدًا في الأوساط السياسية الأمريكية.
وعلى الرغم من مرونة هذا التحالف وغياب إطار رسمي له، إلا أنه يضع الولايات المتحدة أمام تحديات غير مسبوقة على المستويين العسكري والدبلوماسي، ويهدد بإنهاء عقود من التفوق الأمريكي في الساحة الدولية.
تجمع هذه الدول الأربعة مصالح مشتركة وأهداف استراتيجية تهدف إلى تقويض النفوذ الأمريكي عالميًا.
تقود الصين، باعتبارها القوة الاقتصادية والعسكرية الأبرز في هذا المحور، التعاون مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية من خلال تقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي.
فعلى سبيل المثال، ساعدت بكين موسكو على مواجهة العقوبات الغربية المفروضة منذ غزوها لأوكرانيا عبر تصدير سلع ذات استخدام مزدوج بقيمة تتجاوز 9 مليارات دولار، مما ساهم في استقرار الاقتصاد الروسي رغم الضغوط الدولية.
إضافة إلى ذلك، تلعب الصين دورًا حيويًا في تعزيز الشراكة مع إيران من خلال اتفاقيات استراتيجية، أبرزها توقيع اتفاقية شاملة عام 2021.
كما تُعد بكين الحليف التجاري الرئيسي لكوريا الشمالية، مما يعزز قدرات بيونغ يانغ الاقتصادية والعسكرية.
ورغم هذا التعاون الوثيق، تتجنب الصين الظهور كقائدة رسمية لهذا المحور، إذ تسعى للحفاظ على علاقاتها مع حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين مثل اليابان وألمانيا.
وتتبع بكين استراتيجية مزدوجة تُتيح لها تحقيق مكاسب من التحالف دون تحمل مسؤوليات مباشرة عن تصرفات حلفائها.
على سبيل المثال، امتنعت الصين عن تقديم دعم عسكري صريح لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، وفضلت الدعوة إلى حلول دبلوماسية في النزاعات التي تشمل إيران وكوريا الشمالية.
يشكل هذا التحالف معضلة كبيرة للولايات المتحدة، التي تعتمد على استراتيجية مواجهة قوة نووية واحدة في كل مرة.
ومع انضمام دول أخرى ذات قدرات عسكرية ونووية مثل إيران وكوريا الشمالية إلى هذا المحور، تصبح واشنطن أمام خيار صعب للتعامل مع التهديدات المتعددة.
ويرى محللون أن تجاهل الولايات المتحدة لواقع هذا التحالف قد يؤدي إلى تقسيم الموارد الأمريكية وتشتيت انتباهها في صراعات إقليمية، مما يمنح الصين فرصة لتعزيز نفوذها العالمي.
من الضروري أن تعيد الولايات المتحدة صياغة سياستها تجاه هذا التحالف، عبر التعامل معه ككتلة موحدة تسعى إلى تحدي النفوذ الأمريكي.
ويجب على واشنطن تعزيز تحالفاتها العالمية وتشجيع الدول الشريكة على الانضمام إلى جهود جماعية لمواجهة هذه التحديات.
يشكل التحالف بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية نموذجًا جديدًا للتحالفات الدولية، يقوم على المرونة والهدف المشترك دون الالتزام باتفاقيات رسمية.
وإذا استمرت واشنطن في تجاهل تداعياته، فقد تجد نفسها أمام واقع دولي جديد يتطلب إعادة صياغة دورها كقوة عالمية.