يشهد المسجد الحرام في مكة المكرمة، خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، توافد أعداد غفيرة من المصلين والمعتمرين من مختلف دول العالم، مع بلوغ الذروة ليلة 29 رمضان، حيث يحتشد الملايين لحضور دعاء ختم القرآن الكريم في أجواء روحانية مميزة.
وتعد هذه الليلة من أكثر الليالي ازدحامًا خلال الشهر الفضيل، إذ يحرص المسلمون على أداء صلاتي العشاء والتراويح داخل الحرم المكي، وسط تدابير تنظيمية مكثفة لضمان انسيابية الحركة وسلامة المصلين.
استعدادًا لهذا التدفق الكبير، رفعت الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين في السعودية مستوى الخدمات اللوجستية، شاملةً توفير العربات اليدوية والكهربائية لخدمة المعتمرين، مع تخصيص عربات مجانية للأشخاص ذوي الإعاقة. كما أتاحت الهيئة إمكانية الحجز المباشر للعربات عبر نقاط موزعة في ساحات المسجد الحرام.
وتساهم التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي، التي تمتد على مساحة 1.214 مليون متر مربع، في تخفيف الازدحام على صحن الطواف والمسعى، مع تزويدها بنظام تبريد ضخم بطاقة 90 ألف طن، لضمان راحة المصلين.
كما تم توزيع 25 ألف سجادة صلاة إضافية استعدادًا لاستقبال الحشود.
عملت الهيئة على تجهيز 1300 سماعة لضمان وصول الصوت بوضوح إلى جميع أرجاء المسجد، إلى جانب 428 سلمًا كهربائيًا و28 مصعدًا لتيسير التنقل بين الطوابق المختلفة.
كما تم تعزيز نظام الإضاءة الرقمية عند مداخل الحرم، حيث تضيء اللوحات باللون الأخضر عند توفر أماكن داخل المسجد، وبالأحمر عند امتلاء الطاقة الاستيعابية.
في خطوة جديدة، تم توسيع مراكز ضيافة الأطفال داخل المسجد الحرام، بهدف توفير بيئة آمنة ومثرية للصغار خلال أداء ذويهم للعبادات.
وتقدم هذه المراكز برامج تعليمية وترفيهية متخصصة، تشمل تحفيظ القرآن، وتعليم الأذكار، إضافة إلى أنشطة حسية وإبداعية.
أما بالنسبة للمعتكفين، فقد تم تخصيص مساحات مهيأة ومجهزة بكافة الاحتياجات، مع توفير وجبات للسحور والإفطار، وخدمات تخزين الأمتعة، ومستلزمات الراحة والنوم. كما شهد المسجد النبوي في المدينة المنورة تجهيز أربع قاعات للاعتكاف بمساحة إجمالية تبلغ 5000 متر مربع، مع توزيعها إلى 12 قسمًا لضمان تنظيم أفضل.
وضعت الجهات الأمنية خطة متكاملة لإدارة الحشود خلال هذه الليلة، تتضمن تخصيص مسارات منفصلة للمصلين والمعتمرين، إضافة إلى آليات لضبط تدفق الزوار بدءًا من محطات النقل وصولًا إلى المنطقة المركزية المحيطة بالحرم.
وتم توجيه المعتمرين إلى بوابات محددة، بينما خُصِّصت مداخل أخرى للمصلين، بهدف ضمان حركة سلسة داخل المسجد وساحاته.
ويتوقع أن يشهد العام الحالي زيادة في أعداد المصلين مقارنة بالعام الماضي، الذي بلغ فيه عدد الحضور ليلة 29 رمضان نحو 2.5 مليون شخص، في ظل التحسينات المستمرة التي تهدف إلى تقديم تجربة أكثر سلاسة لضيوف الرحمن.