وسط مشهد نضالي اختلطت فيه الشعارات النقابية بالهتافات السياسية، خرج آلاف المغاربة في عدد من المدن، الخميس، لإحياء عيد الشغل في ظل سياق اجتماعي واقتصادي مثقل بتداعيات الغلاء، واتساع فجوة الثقة بين الشغيلة والحكومة، ووسط تصاعد التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية.
في مدينة طنجة، التي تُعد من أبرز الأقطاب الصناعية في المملكة، نظمت مختلف المركزيات النقابية والقطاعات المهنية مسيرات متفرقة، عكست تنوع الحضور النضالي وتعدد المطالب المرفوعة.
وعبّر المشاركون من خلال لافتاتهم وشعاراتهم عن رفضهم لمشروع قانون الإضراب، الذي اعتبروه مقيدا للحقوق النقابية، كما طالبوا بتحسين شروط العمل داخل المناطق الصناعية، وتوسيع الحماية الاجتماعية.
ورفرفت الأعلام الفلسطينية إلى جانب الشعارات النقابية في أغلب التحركات، في تعبير واضح عن تقاطع النضال العمالي مع المواقف السياسية المناهضة للتطبيع، والمنددة باستمرار الحرب على غزة.
كما سجل حضور واسع لقطاعات التعليم، الصحة، الخدمات، والنقل، وكلها طالبت بإصلاحات هيكلية وتحسين وضع الشغيلة.
ورغم تباين مسارات المسيرات وتوقيتاتها، فقد عكست هذه التحركات تعددا في أشكال التعبير الميداني، واتساعا في قاعدة المشاركة، بما يعكس تركيبا اجتماعيا يتفاعل بقوة مع القضايا الوطنية والدولية.
وفي مشهد يتكرر عبر جهات المملكة، تقاطعت المسيرات المنظمة في مدن الدار البيضاء، فاس، أكادير، الرباط، وجدة، مراكش وغيرها، في التعبير عن رفض مشروع قانون الإضراب، الذي لا يزال يثير جدلا واسعا داخل الأوساط النقابية والتشريعية، وسط اتهامات للحكومة بالسعي إلى “تقييد” الحق الدستوري في الإضراب، وإفراغه من مضمونه النضالي.
وعبّرت مختلف القطاعات النقابية من خلال اللافتات والبيانات الميدانية عن رفضها لما وصفته بـ”الصمت الحكومي” إزاء المطالب الاجتماعية، معتبرة أن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي لم تحمل سوى إشارات عامة، دون أي التزام ملموس بشأن تحسين الدخل، أو إصلاح أنظمة التقاعد، أو حل الملفات القطاعية العالقة، وعلى رأسها التعليم والصحة.
كما حضر البعد الإقليمي بقوة في مشهد فاتح ماي لهذه السنة، حيث طغى التضامن مع القضية الفلسطينية على شعارات عدة قطاعات، ورفعت صور من المجازر الإسرائيلية الأخيرة في غزة، فيما طالب متظاهرون بقطع العلاقات مع إسرائيل، وتفعيل المبادئ الدستورية المتعلقة بنصرة الشعوب.
وبينما حافظت التعبئة على طابعها السلمي، سجل مراقبون تصاعد نبرة الاحتجاج وميل عدد من اللافتات إلى لهجة تصعيدية، وخصوصا في المناطق التي تعرف احتقاناً اجتماعياً مزمنًا، كمحور فاس-صفرو، والجهات الشمالية، وبعض مدن الجنوب الشرقي.
ويأتي عيد الشغل لهذه السنة على وقع تدهور في مؤشرات الثقة الاجتماعية، واستمرار ارتفاع الأسعار، وصعوبة ولوج الشباب إلى سوق الشغل، وتزايد مظاهر الهشاشة في القطاع غير المهيكل، الذي لم تشمل إصلاحات الحماية الاجتماعية سوى نسبة محدودة من عماله، رغم التزامات رسمية سابقة بالتعميم.