في وقت تحتاج فيه البلاد إلى مؤسسة تضمن حقوق المواطن وتحمي بياناته الشخصية من أي تهديدات سيبرانية، وجد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نفسه في قلب فضيحة إلكترونية من العيار الثقيل.
وكشف الهجوم السيبراني الذي استهدف قاعدة بياناته وأدى إلى تسريب ملايين المعطيات الشخصية للمواطنين، بشكل صارخ عن حجم التراخي في حماية المعلومات الحساسة، ما يطرح تساؤلات حول قدرة المسؤولين على تدبير هذه المؤسسة الحيوية.
ورغم البلاغ الذي أصدرته الإدارة، محاولا تقليل حجم الفضيحة من خلال التأكيد على أن الوثائق المسربة “مضللة” أو “غير دقيقة”، فإن هذا التصريح لا يمكن أن يخفف من وطأة الضرر الذي تعرضت له الثقة بين المواطنين والصندوق. التصريحات العنتريات لن تخفي فشل الإدارة في حماية معطيات الناس، بل تُظهر بشكل أوضح العجز عن التعامل مع هذا النوع من الهجمات التي باتت أكثر تعقيدا.
وفي وقت تتزايد فيه المخاوف من تسرب بيانات حساسة قد تؤدي إلى أضرار بالغة على مستوى الأمن الشخصي للمواطنين، يظل السؤال الأهم: ما هي الخطوات الجادة التي ستتخذها إدارة الصندوق بعد هذا الحادث؟ هل سيظل التحقيق الداخلي مجرد فلكلور إداري ينتهي مع مرور الوقت؟
وفي هذا السياق، فإن مدير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسن بوبريك، يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، خصوصا في ظل الغياب التام لأية إجراءات وقائية كانت ستجنب المؤسسة من هذا الهجوم.
فبدلا من التشبث بإدارة عاجزة عن حماية بيانات المواطنين، كان من الأفضل أن يعترف المسؤولون بالتقصير ويعرضوا خطة إصلاحية شاملة بدل التصريحات التي تنقلب على مصداقية المؤسسة.
أما المواطنون، فهم الذين يتعرضون يوما بعد يوم للمعاملة الباردة والبيروقراطية التي تفتقر للإنسانية في تعاملهم مع إدارة يُفترض أن تكون في خدمتهم. الدليل على ذلك هو الانتظار لساعات طويلة داخل مكاتب الصندوق دون نتيجة تذكر، وهو ما يجعل الصندوق، بدل أن يكون مؤسسة للحماية، جزءًا من معاناتهم اليومية.
إن محاسبة المسؤولين عن هذه الفضيحة يجب أن تكون بداية لتصحيح المسار، وإذا لم يتحمل المديرون المسؤولية كاملة ويعترفوا بفشلهم، فإن الضرر سيكون أكبر بكثير من مجرد تسريب بيانات شخصية.