تشكلت، أمس الأربعاء 7 يوليوز الجاري، حكومة جديدة في الجزائر. وقد اختار الرئيس عبد المجيد تبون بناء “الجزائر الجديدة” بوجوه قديمة. لم يحتفظ بمعظم أعضاء الحكومة المنتهية ولايتها فحسب، بل أعاد وجها قديما خلال فترة حكم بوتفليقة إلى الواجهة، ويتعلق الأمر برمطان لعمامرة.
متاعب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لا تنتهي. بعد إجراء العديد من الترقيعات على حكومة عبد العزيز جراد، التي خضعت لتعديلات في غضون بضعة أشهر فقط من العام، يضطر مرة أخرى إلى تشكيل حكومة جديدة بوجوه قديمة. وهكذا، بقراءة لتشكيلة الحكومة الجديدة التي تم الإعلان عنها يوم الأربعاء، حيث تم الاحتفاظ بـ17 وزيرا من فريق عبد العزيز جراد، يبدو أنه لا ينبغي أن نتوقع تغييرا في التوجهات السياسية في هذه “الجزائر الجديدة”، التي يتغنى بها تبون والتي أصبحت شعارا أجوفا لا يقنع حتى أصحابه.
علاوة على ذلك، فإن إقالة بعض وزراء السيادة الذين لا يحظون بشعبية في الحكومة السابقة ما هو إلا مجرد محاولة لذر الرماد في العيون و”الموارد الجديدة” مأخوذة من شخصيات سياسية من عهد بوتفليقة.
وهكذا، فإن وزير العدل المنتهية ولايته، بلقاسم زغماتي، المعروف قبل كل شيء لكونه صاحب القانون المثير للجدل بشأن سحب الجنسية من الجزائريين في المهجر والمعارضين للنظام، يترك حقيبته للرئيس السابق للمحكمة العليا، عبد الرشيد طبي (61 سنة). ومع ذلك، فإن تعيين هذا الأخير في هذا المنصب هو في الواقع من أجل مجازاته على إبطال إدانة الجنرال محمد مدين المعروف باسم توفيق وخالد نزار، اللذين حكم عليهما بالسجن لمدة خمسة عشر عاما من قبل المحاكم الجزائرية في عام 2019.
كما أن رئيس الدبلوماسية صبري بوقادوم “يسلم” منصبه إلى رمطان لعمامرة، مرشده والرئيس السابق لدبلوماسية عبد العزيز بوتفليقة. وكان من المتوقع بعد نهاية الانتخابات التشريعية يوم 12 يونيو أن يشغل منصب الوزير الأول ليحل محل عبد العزيز جراد، تم تكليف رمطان العمامرة أخيرا بالمهمة الشاقة المتمثلة في محاولة إعادة بريق الدبلوماسية الجزائرية التي راكمت الانتكاسات في السنوات الأخيرة. التغيير الوحيد الملحوظ في الحكومة الجزائرية الجديدة مرتبط بوزارة الخارجية. وهذا يشكل في حد ذاته اعترافا بفشل ديبلوماسية الجزائر، وهو ما أضعف تواجدها على المستوى الإقليمي والقاري، كما يتضح ذلك من دورها غير المؤثر في ليبيا حيث لم يتردد المشير حفتر في استفزازها على حدودها.
وتجدر الإشارة إلى أن رمطان لعمامرة، الذي يعتبره النظام الجزائري “رائد” دبلوماسيته، هو في الواقع شخصية غير مرغوب فيها على المستوى الدولي. نتذكر كيف اعترض عليه الأمريكيون بشدة قبل بضعة أشهر عندما تقدم لمنصب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا. وقالت إدارة دونالد ترامب بوضوح للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “أي شخصية أخرى عدا رمطان”.
أخيرا، ستظل وسائل الإعلام الجزائرية والمعتمدة تحت الرقابة، لأن بلحيمر عمار الذي لا يحظى بشعبية كبيرة يحتفظ في يده بمقص الرقابة لكونه سيحتفظ بوزارة الاتصال.
لذلك لا شي جديد باستثناء أن حكومة أيمن بن عبد الرحمان، التي تضم 3 نساء فقط من أصل 34 وزيرا، يبدو أنها قد “تم تحضيرها” من أجل تبون، كما يؤكد ذلك العديد من مراقبي المشهد الجزائري. وبحسب هؤلاء، فإن هذه الحكومة الجديدة ليست سوى نسخة باهتة من الحكومات السابقة، لا سيما وأن الانتخابات التشريعية، التي قاطعها الجزائريون بكثافة، لم تسمح بإضفاء أدنى قدر من الشرعية على السلطة الحالية.
هذه الحكومة الجديدة ولكن بوجوه قديمة تبرز شلل النظام الذي يعاني من الركود والذي يقدم الدليل على عدم قدرته على إعطاء دفعة تمكنه من تفادي الانهيار التام.