قدم الاعلامي الجزائري المهتم بالشؤون المغاربية وليد كبير قراءة شاملة لخريطة تاريخية تؤكد الامتداد الجغرافي والسيادي للمغرب من الشمال الى عمقه الصحراوي والافريقي قبل الحقبة الاستعمارية.
تتعلق القراءة بخريطة “Marche du Choléra au Maroc en 1868” التي رسمها القنصل الفرنسي في موغادور (الصويرة) اوغست بوميي عام 1869 بهدف تتبع مسار انتشار وباء الكوليرا في مختلف ربوع المملكة.
وقال كبير في تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ان هذه الوثيقة تعد من اهم الوثائق الكارتوغرافية التي انجزتها الدبلوماسية الفرنسية في القرن التاسع عشر. تؤكد الخريطة الامتداد التاريخي للمغرب من طنجة الى تمبكتو.
اضاف كبير ان الخريطة تمثل شهادة تاريخية وجغرافية على وحدة المجال المغربي وسيادته الممتدة على الصحراء الغربية والشرقية قبل اي تقسيم استعماري لاحق رغم ان هدفها المعلن هو تتبع مسار وباء الكوليرا الذي ضرب المغرب سنة 1868.
وتابع الاعلامي الجزائري ان الخريطة تُظهر بوضوح ان المغرب كان كيانا موحدا يمتد من طنجة شمالا الى وادي الذهب جنوبا ومن المحيط الاطلسي غربا الى توات وتندوف وعين صالح وتمبكتو شرقا. اوضح ان بوميي رسم هذا المجال في إطار واحد بعنوان “au Maroc” دون اي حدود فاصلة او إشارة الى وجود كيان مستقل في الصحراء.
يبرز هذا التصور وفق كبير ان الدبلوماسية والعلم الجغرافي الفرنسي في تلك الفترة كانا يعترفان فعليا بأن الصحراء كانت جزءا من التراب المغربي. لفت الى ان الخريطة تظهر مسار الكوليرا بخط احمر متقطع يمر عبر مدن مغربية ساحلية وداخلية منها الساقية الحمراء ووادي الذهب وتيرس وصولا شرقا الى حمادة تندوف وتوات وعين صالح وعرق الشاش وتمبكتو.
اشار كبير الى ان هذه المناطق موصولة جميعها بشبكة طرق القوافل المغربية المرسومة بخطوط سوداء متقطعة ما يوثق الترابط التجاري والبشري بين شمال المغرب وعمقه الصحراوي والافريقي.
وتكشف الخريطة ايضا عن الاسماء القبلية الصحراوية المغربية التي كانت منتشرة في تلك المناطق ضمن الرقعة الموسومة بـ “territoire envahi par le choléra au Maroc” مثل الرقيبات وأولاد دليم وأولاد بوسبع. يؤكد هذا ان هذه القبائل كانت جزءا من النسيج المغربي التاريخي الذي امتد جنوبا وشرقا.
ولفت كبير الى ان الخريطة لا تتضمن اي ذكر لأسماء اجنبية مثل “Rio de Oro” او “Sahara Espagnol” وهي تسميات ظهرت لاحقا فقط مع التوسع الاستعماري الاسباني بعد عام 1884. يثبت هذا ان خريطة بوميي تعود الى فترة ما قبل الاستعمار حين كانت الصحراء بغربها وشرقها تعتبر جزءا من المغرب الموحد.
وشدد كبير على ان خريطة بوميي ليست مجرد اثر طبي بل وثيقة تاريخية ناطقة بوحدة التراب المغربي. تؤكد الوثيقة الرسمية الفرنسية ان الادراك الاوروبي للمجال المغربي في القرن التاسع عشر كان يشمل الصحراء ضمن نطاق المغرب.

