لم يكن توم غروغان، الشاب البريطاني الذي بدأ مسيرته حاملا الطوب في مواقع البناء، يتخيل أن أول أجر يومي قدره 30 جنيها إسترلينيا سيقوده في نهاية المطاف إلى صفقة بمئات الملايين من الدولارات. ففي عام 2025، باع غروغان وشريكاه الذراع البريطانية لسلسلة مطاعم “وينغستوب” الأمريكية مقابل 400 مليون جنيه إسترليني، أي نحو 532 مليون دولار أمريكي.
قصة غروغان، البالغ من العمر 35 عاما، تمثل مثالا لافتاً على التحول من البدايات المتواضعة إلى عالم الأعمال الضخم. فبعد تركه الدراسة الجامعية في سن الثامنة عشرة، قرر خوض مجال الحرف والبناء، حيث عمل لسنتين قبل أن يلتقي مطور عقارات ناجحاً أصبح مرشده الأول. وقد فتح هذا اللقاء أمامه الباب لتدريب في شركة أسهم خاصة بلندن يملكها جيمس كان، أحد نجوم برنامج “عرين التنانين” البريطاني.
قال غروغان في حديث إعلامي إن هذا التدريب غيّر مسار حياته، إذ تعلم خلاله أسس الصفقات وإدارة رؤوس الأموال، ما دفعه إلى تأسيس شركته الخاصة في مجال التطوير العقاري. وخلال تلك التجربة، اكتسب مهارات التفاوض وجمع التمويل وإعداد خطط الأعمال، وهي المهارات التي مهدت لرحلته في عالم المطاعم لاحقاً.
وجاء التحول الكبير حين التقى شريكيه هيرمان ساهوتا وشاول لوين أثناء العمل في التطوير العقاري، وقرروا دخول قطاع الوجبات السريعة. استلهم الثلاثي فكرتهم من سلسلة “وينغستوب” الأمريكية، التي تعرفوا عليها عبر أغنية لمغني الراب الأمريكي ريك روس، أحد مالكي امتياز العلامة التجارية في الولايات المتحدة.
بدون أي خبرة سابقة في مجال الضيافة، راسل غروغان الشركة الأم في تكساس عام 2016 مقترحا افتتاح فروع في المملكة المتحدة. وبعد نحو عام من المفاوضات والرفض من عشرات المستثمرين، حصل الثلاثي على الموافقة، وافتتحوا أول مطعم لهم في حي ويست إند اللندني.
اعتمدت استراتيجيتهم على جذب جيل الألفية والجيل زد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والشراكات مع مؤثرين وفنانين. ومع مرور الوقت، نمت “وينغستوب المملكة المتحدة” لتضم 57 فرعا، قبل أن تستحوذ شركة الأسهم الخاصة “سيكسث ستريت” في كاليفورنيا على حصة الأغلبية مطلع عام 2025، في واحدة من أكبر صفقات قطاع المطاعم في بريطانيا.
وبعد الصفقة، بات غروغان يمتلك ثروة تقدر بأكثر من نصف مليار دولار. ومع ذلك، يقول إن النجاح لم يكن نتيجة التعليم الأكاديمي، بل ثمرة التجربة العملية. وأضاف: “ما لم تكن تسعى لتصبح طبيباً أو محامياً، فإن الجامعة مضيعة للوقت. الخبرة الميدانية والاحتكاك بالعالم الواقعي هما ما يصنعان رجال الأعمال الحقيقيين”.

