يشهد السجاد المغربي التقليدي انتعاشا لافتا في الأسواق الدولية، مدفوعا بتحول في ذوق المستهلك نحو المنتجات اليدوية القابلة للتتبع، وسط تراجع الإقبال على ديكور الإنتاج الكثيف.
فخلال عقد واحد، تضاعفت صادرات هذا القطاع تقريبا، ما يضع المغرب أمام فرصة لإعادة تموضع منتجاته الحرفية ضمن سلاسل القيمة العالمية.
ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصناعة والتجارة، بلغت صادرات السجاد المغربي 13.6 مليون دولار سنة 2013، لترتفع إلى 31.63 مليون دولار بحلول 2023، بزيادة تتجاوز 132٪ خلال عشر سنوات.
وتعد هذه القفزة استثنائية في قطاع يعاني أصلا من هيكلة تقليدية وموارد بشرية غير منظمة.
ويأتي الطلب المتزايد أساسا من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، حيث ترتفع مبيعات منصات الديكور الفاخر التي تروج لقطع أصلية وقصص ثقافية.
ويقدم السجاد المغربي مزيجا من الحرفية التراثية والتصميم القبلي الخام، ما يجعله جاذبا لأسواق تبحث عن تفرد بصري ورمزي.
في هذا السياق، تبرز علامات تجارية مثل Beni Rugs، التي تأسست في نيويورك سنة 2018، وتعمل حصرا مع نساجات مغربيات في ورشة خارج مراكش.
وتعتمد الشركة على نظام الطلب المسبق، مع شفافية كاملة في سلسلة التوريد، وتصرح بأنها تدفع أجورا تفوق السوق المحلي بمرتين إلى أربع مرات، ما يجعلها نموذجا في مقاربة الرفاه الاجتماعي ضمن الفخامة اليدوية.
لكن القطاع يواجه أيضا تحديات تنافسية، أبرزها وفرة نسخ مقلدة تنتج في الهند وباكستان تحت تسمية سجاد مغربي.
ويضعف هذا الواقع موقع المنتج الأصلي، ويفرض على المغرب تسريع تفعيل آليات الحماية الجغرافية والتجارية، في وقت لا يوجد إطار مؤسساتي فعال لتتبع أصل السجاد وتوثيق صناعته، ما يفقد الحرفيات فرصة الاستفادة من القيمة المضافة.
ومن جهة أخرى، تعاني سلاسل الإنتاج التقليدية من ضعف في التنظيم، وغياب بنية تمويل ملائمة. فمعظم التعاونيات النسائية تعمل خارج الإطار البنكي، وتعتمد على وسطاء يستهلكون جزءا كبيرا من الربح. ورغم المبادرات الرسمية، لا تزال الفجوة قائمة بين الدعم العمومي والمردودية التجارية.
يعول على ارتفاع الطلب العالمي لتحريك إصلاح هيكلي في هذا القطاع، خاصة في ظل اهتمام متزايد من منصات التسويق الدولية وشركات التصميم الداخلي. وإذا نجح المغرب في تثبيت مرجعية واضحة لهذا المنتج داخل الأسواق المميزة، فقد يتحول السجاد التقليدي من عنصر فولكلوري إلى أصل تصديري ذي مردودية مستدامة.

