يمثل اليوم الخميس (10 يونيو الجاري) الرجل الذي صفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى جنوب شرق البلاد أمام المحكمة، وفق نظام المثول الفوري الذي يضمن تسريع إجراءات المحاكمة ولا سيّما في حالات الجنح المتلبس بها. وذلك وفقاً لما صرحته النيابة العامة.
The man who slapped Macron has been jailed for 4 months ???? https://t.co/K9DVrvdQqJ
Here's the moment it happened. pic.twitter.com/YyHUgf9o2z
— Al Jazeera English (@AJEnglish) June 10, 2021
وأوضح أليكس بيرين المدّعي العام لمنطقة فالنس أمس الأربعاء، إنّ المتّهم داميان ت. البالغ من العمر 28 عاماً، من المعجبين بتاريخ العصور الوسطى ومشترك في مواقع إلكترونية لليمين المتطرف، مضيفا أنّ رفيقاً له، أوقف معه الثلاثاء ويدعى آرثر س، « سيصدر بحقه أمر استدعاء للمثول أمام المحكمة في نهاية النصف الثاني من عام 2022 بالتّهم المتعلّقة بالحيازة غير المشروعة لأسلحة » عُثر عليها في منزله.
وخلال جلسة الاستماع، أقرّ داميان ت. بـ »توجيه ضربة إلى رئيس الدولة وتلفظ بكلمات تندد بسياسته ».
كما أنه قال عن نفسه إنه قريب من « حراك السترات الصفراء »، الحركة الاحتجاجية غير الحزبية، ويشاطر « معتقدات سياسية تقليدية لليمين أو اليمين المتطرف » من دون أن يكون له أي انتماء حزبي أو حركي.
وأضاف داميان ت. خلال الاستجواب إنّه « تصرّف بالفطرة و+ من دون تفكير+ للتعبير عن عدم رضاه ».
ولم يسلط استجواب المحققين للشهود ولا لشريكة حياة داميان ت. مزيداً من الضوء على « دوافع » المتّهم الذي قالت النيابة العامة إنّها قرّرت « في الوقت الراهن » عدم اعتبار ما قام به نتيجة سبق إصرار وترصّد.
وتثير حادثة الصفعة التي واجهها إيمانويل ماكرون خلال جولة داخل فرنسا جدلا بين الحكومة التي ترى أنه « تصرف معزول » وبعض المحللين الذين يتساءلون عن درجة رفض رئيس الدولة التي يترجمها هذا الفعل قبل أقل من عام من الانتخابات الرئاسية.
ودانت كل الطبقة السياسية الصفعة معتبرة أنها بادرة خطيرة تمس بالديمقراطية بينما قللت السلطات من خطورتها الأربعاء.
ومن غير الوارد أن يرى فيها الناطق الرسمي باسم الحكومة رمزا لـ »غضب » الفرنسيين على ماكرون. ويؤكد غابرييل أتال أنه إذا كان هناك « فرنسيون قلقون ومشككون وغاضبون (…) فهم يعرفون كيف يعبرون عن ذلك في إطار النقاش وفي إطار التصويت ».
ويرى مؤيدون آخرون للرئيس على غرار رئيس كتلة نواب الأغلبية كريستوف كاستانير أن هذه الحادثة هي دليل على إرادة رئيس الدولة المتهم منذ فترة طويلة بالغطرسة أو حتى الازدراء، للخروج لمقابلة السكان.
ويعيد الحادث الرئيس الفرنسي إلى الأجواء المتوترة التي كانت محيطة به قبل انتشار وباء كوفيد-19.
وكان أفضل تجسيد لها أزمة « السترات الصفراء » التي دفعت ملايين الفرنسيين إلى الشوارع لعدد من عطلات نهاية الأسبوع في نهاية 2018 للتنديد بسياسة الحكومة.
وأحرقت صور لرئيس الدولة خصوصا خلال مختلف المسيرات وتراجعت شعبية إيمانويل ماكرون إلى أدنى مستوى حينذاك (20 في المئة فقط من الآراء الإيجابية في دجنبر 2018).
وحذر الخبير السياسي باسكال بيرينو من أن هذه الصفعة قد تكون « مؤشرا إلى عودة الغضب الساخن جدا » الذي « جمده » وباء كوفيد.
ويشاركه هذا الرأي كزافييه برتران، المرشح اليميني الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية للعام 2022. وهو يرى أن « ماكرون لم يقدر يوما حجم أزمة السترات الصفراء ».
وأشارت دراسة أجرتها مؤسسة جان جوريس في أبريل إلى أن حجم الكراهية لإيمانويل ماكرون هو العامل الرئيسي لاحتمال فوز مرشحة اليمين القومي مارين لوبان في انتخابات 2022، بالإضافة إلى التقارب في البرامج بين حزبها « التجمع الوطني » واليمين المحافظ المتمثل بحزب الجمهوريين و »شيطنة » الجبهة الوطنية السابقة.
ورأى معدو الدراسة في هذا الصدد أن المشاعر الأربعة التي يولدها إيمانويل ماكرون وتبرز بشكل أكبر كلها سلبية: « الغضب » و »اليأس » و »الاشمئزاز » ثم « العار »، مشيرين إلى أن العواطف تلعب « دورا مهما » في السلوك الانتخابي.
لكن هذه الصفعة تعكس أيضا تطور الجدل السياسي في فرنسا.
وقال باسكال بيرينو إن ذلك يكشف أنه « لم يعد هناك شيء بين الرئيس والشعب الفرنسي الغاضب » بينما على مدى عقود تم تنظيم النقاش السياسي مع « القوى الجماعية ».
وأضاف « كانت هناك أحزاب ونقابات وهيئات وسيطة. لم يعد هناك شيء » و »لا حتى أيديولوجيا ».
وأوضح بيرينو « عندما لا تعود هناك أيديولوجيا وعندما لا تكون هناك قوى جماعية (…) يبقى أشخاص وأفراد يمكننا أن نحبهم او نكرههم، وهناك الكثير من الكراهية لأن المجتمع الفرنسي غاضب ».
وتفيد دراسة أجرتها مؤسسة « فوندابول » بأن 78 في المئة من الفرنسيين يميلون إلى الامتناع عن التصويت أو التصويت ببطاقة بيضاء أو اختيار حزب يعتبر شعبويا، يساريا أو يمينيا، في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
لكن في الأشهر الأخيرة، ارتفعت شعبية الرئيس الفرنسي بشكل كبير في استطلاعات الرأي وتجاوزت نسبة الذين أبدوا أراء إيجابية، الأربعين في المئة.