اعتبر الكاردينال الإسباني كريستوبال لوبيث، رئيس أساقفة الرباط أن تجربة الوجود المسيحي في المغرب تشكل نموذجا فريدا لحضور كنسي متواضع، غير تبشيري، قائم على المحبة المجانية وخدمة الإنسان، في احترام تام للخصوصية الدينية للأغلبية المسلمة.
وقال لوبيث الذي يعد أحد الأسماء المتداولة إعلاميا كمرشح مفاجئ للبابوية، في حوار نشرته صحيفة “إلباييس” الإسبانية، إن الكنيسة في المغرب لا تسعى إلى الحصاد ولا تعمل بمنطق النتائج، بل تؤدي رسالتها “في صمت وتواضع، ومن دون مقابل”، مضيفا أن “المسيحيين في المملكة ليسوا ضيوفا ولا طارئين، بل يعيشون اندماجا حقيقيا في نسيج اجتماعي متماسك، ويتقاسمون مع إخوانهم المسلمين قيم العيش المشترك”.
وأكد الكاردينال أن ما يميز حضور الكنيسة في المغرب هو انفصاله الكامل عن أي نزعة تبشيرية أو توسعية، قائلا: “نحن لا نعمل لنحصد ثماراً، بل نحن موجودون في خدمة حقيقية”.
وأضاف: “نحن لا نبني ملكوت الله ضد المسلمين، بل معهم”، في تعبير صريح عن التزامه بخط روحاني يرفض الصدام ويُعلي من شأن الحوار والتعاون.
وأوضح لوبيث أن تجربة الأقلية في المغرب تعلّم الكنيسة أن تتخلى عن مركزيتها، وأن تعيش الإيمان في الهامش لا في الصدارة، مبرزا أن الكنيسة هناك لا تقيس نفسها بعدد الكهنة أو الحاضرين، بل بصدق الرسالة. وقال: “المهم هو أن يشعر كل مسيحي بأنه مُرسَل، حتى وسط بيئة مختلفة دينيا وثقافيا”.
وأشاد بالأطر التي يتيحها المغرب للتعايش، مؤكدا أن العلاقات اليومية بين المسيحيين والمسلمين قائمة على الاعتراف المتبادل، لا على المجاملة أو النفاق الرمزي.
وأضاف أن الكنيسة في المملكة لا تواجه عراقيل، ما دامت ملتزمة برسالتها الإنسانية ولا تسعى إلى فرض نفسها.
وجاءت تصريحات الكاردينال في سياق اهتمام إعلامي متزايد بشخصه، بعد أن أدرجته بعض الصحف الإيطالية ضمن قائمة “البابابل”، أي المرشحين المحتملين لخلافة البابا فرنسيس، بفضل ما يُنظر إليه كامتداد لخط الانفتاح والإنصات للأطراف الذي ميز حبرية فرنسيس.
وختم لوبيث بالقول إن “المغرب يعلّم الكنيسة أن تكون أكثر تواضعا، وأن تتخلى عن الأوهام العددية والسلطوية، لتصبح أكثر قربا من الإنسان، وأكثر وفاء لإنجيل المحبة”.